الحمد لله.
أولاً:
نص الحديث الوارد ذِكره في السؤال وتحقيق القول في درجته :
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
( إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِى النَّارِ
اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ ) .
رواه الترمذي ( 2178 ) وأبو داود ( 4265 ) وابن ماجه ( 3967 ) .
والحديث ضعيف لا يصح ؛ فيه علتان :
الأولى : جهالة أحد رواته وهو زِيَادِ سَيْمِينْ كُوشْ .
الثانية : ضعف ليث بن أبي سلَيم .
وقد ضعفه الترمذي بعد روايته ونقل عن الإمام البخاري جهالة زياد ، والاختلاف في
الحديث وقفاً ورفعاً ، وضعفه محققو " مسند أحمد " ( 11 / 562 ) والألباني في "
السلسة الضعيفة " ( 3229 ) ، وقد أحسن الشيخ العريفي في قوله " وفيه مقال " وليتَه
لم يذكره أصلاً .
ثانياً:
أما معناه :
قال المباركفوري – رحمه الله - : " قوله ( تكون فتنة تستنظف العرب ) أي : تستوعبهم
هلاكاً ، يقال : استنظفتْ الشيءَ إذا أخذتْه كلَّه ، ومنه قولهم " استنظفتُ الخراج
" ولا يقال نظَّفته كذا في " النهاية " .
قال القارىء : وقيل : أي : تطهرهم من الأرذال وأهل الفتن .
( قتلاها ) جمع قتيل بمعنى مقتول مبتدأ خبره قوله ( في النار ) أي : سيكونون في
النار ، أو هم حينئذ في النار ؛ لأنهم يباشرون ما يوجب دخولهم في النار كقوله تعالى
( إن الأبرار لفي نعيم ) قال القاضي رحمه الله : المراد بقتلاها : من قُتل في تلك
الفتنة ، وإنما هم من أهل النار لأنهم ما قصدوا بتلك المقاتلة والخروج إليها إعلاء
دين أو دفع ظالم أو إعانة محق وإنما كان قصدهم التباغي والتشاجر طمعا في المال
والملك .
( اللسان فيها ) أي : وقعه وطعنه على تقدير مضاف ، ويدل عليه : رواية ( إشراف
اللسان ) أي : اطلاقه وإطالته .
( أشد من السيف ) أي : وقع السيف كما في رواية ؛ لأن السيف إذا ضُرب به أثَّر في
واحد ، واللسان تضرب به في تلك الحالة ألف نسَمة " انتهى من " تحفة الأحوذي " ( 6 /
335 ) .
وبما أن الحديث لم يصح فلا حاجة للاشتغال بتأويله
والأخذ والرد بتفسيره ، وخاصة أنه في أمور الغيب ، ولو صحَّ فلا ينبغي لأحدٍ أن
يجزم بتنزيله على واقع معيَّن ظنّاً منه أنه ينطبق عليه ؛ إذ قد يأتي واقع هو ألصق
بمعنى الحديث من الواقع المظنون ، وقد يكون الحديث قد انطبق على زمان سالف .
ونسأل الله أن يوفقك للعلم النافع والعمل الصالح وجزاك الله خيراً على أدبك وحسن
أخلاقك .
والله أعلم