الحمد لله.
ثانياً:
لتعلم أنَّ تخطئتك للمشايخ الذين قاموا برقيتك ليس صواباً ، وما تعتقده أن الصرع
شيء واحد وأنه من الجن فقط خطأ محض ، فالصرع صرعان : صرع من النفوس الخبيثة من الجن
والشياطين ، وصرع من الأخلاط الرديئة وهو مرض عضوي ، وهو الذي يتكلم فيه الأطباء في
سببه وعلاجه ، وقد ذكرنا الفرق بين النوعين في جواب السؤال رقم (
10085 ) ، وذكرنا مفاهيم خاطئة عند
الناس حول الصرع في جواب السؤال رقم (
98393 ) ، ومما ذكرناه من المفاهيم الخاطئة : اعتقاد " أن الصرع مرض مزمن لا
يمكن علاجه أو التحكم فيه ، والحقيقة : أن ذلك غير صحيح ؛ فالصرع يمكن التحكم به ،
ومنع النوبات التشنجية بالدواء بنسبة تصل إلى 90% ، هذا التحكم قد يكون تامّاً ،
وطويل الأمد .
ثالثاً:
الذي نوصيك به – أخي السائل – ونرجو أن تعمل به :
1. الصبر على ما ابتلاك به وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله ، ونحن رأينا في كتابتك
عقلاً راجحاً ومنطقاً سليماً ، فحريٌّ بمثلك أن يتحلَّى بالصبر ويتخلق به ، وانظر
لقصة هذه المرأة ففيها عظة وعبرة :
عن عَطَاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ
امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ
السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ :
إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ ( إِنْ شِئْتِ
صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ )
قَالَتْ : أَصْبِرُ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا
أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .
رواه البخاري ( 5328 ) ومسلم ( 2576 ) .
2. نوصيك بالذهاب إلى أطباء اختصاصيين بالدماغ والأعصاب ، ونرجو أن تجد عندهم
تشخيصاً دقيقاً لحالتك ، وأن يرزقك الله تعالى الشفاء العاجل على أيديهم .
3. نوصيك بدفع وساوس الشيطان بقوة الإيمان وبالطاعات وبالأذكار وقراءة القرآن .
4. نوصيك بالاختلاط بالصالحين وبالذهاب إلى المساجد وأداء الصلوات جماعة ؛ فمن شأن
ذلك – إن شاء الله – أن يدفع عنك البلاء ويعجِّل لك الشفاء .
وأما صلاة الجمعة والجماعة : فإن كنتَ وقتهما لا تخشى على نفسك الصرع : فعليك
حضورهما ولا يجوز لك التغيب عنهما ، وهذه الخشية يجب أن تكون مبنية على قرائن قوية
لا على وساوس شيطانية .
ومن المستحسن أن يكون لك رفيق صالح ، عارف بحالتك ، يصحبك في ذهابك ومجيئك من
الصلاة ، كما أن العمى يستصحب من يرشده ويدله على الطريق ؛ فوجود مثل هذا الرفيق
معك في غالب أحوالك ، سوف يبعثك على الاطمئنان في ذهابك ومجيئك ، وإذا قدر عليك أمر
من الأمور ، فسوف يكون بجانبك ، يمنع عنك الأذى ، ويقوم بشأنك .
وانظر - في الوساوس والوسواس القهري - أجوبة الأسئلة (
102851 ) و (
11449) و (
90819 ) .
والله أعلم