لا يحرم من مكة إلا أهلها ومن أنشأ النية منها
إذا كنت قادماً من ألمانيا الى جِدّة لأداء العمرة ، فلماذا يتعين علينا لبس الإحرام في ألمانيا ، لماذا لا نُحرم من مكّة وكفى ؟
الجواب
الحمد لله.
نسأل الله أن يوفقك لأداء مناسك الحج ، كما نسأله أن يتقبل منك صالح الأعمال .
أولاً :
لا يتعين عليك لُبس الإحرام من ألمانيا ، بل لك الخيار في أن تلبسه من بلدك أو من
الميقات ، هذا بالنسبة للبس الإحرام .
أما نية الإحرام فتكون عند الميقات الذي ستمر عليه أو قبله بقليل ، وتعرف ذلك بسؤال
مضيفي الطائرة .
وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم لكل أهل بلد ميقاتاً يحرمون منه إذا قصدوا الحج
أو العمرة ، فمن أتى من طريق المدينة أحرم من ( ذي الحليفة وهو أبيار علي ) ، ومن
أتى من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من ( الجحفة ، وهي رابغ ) ، ومن أتى من
طريق اليمن أحرم من ( يلملم وهي السعدية ) ومن أتى من طريق نجد أو الطائف أحرم من (
قرن المنازل وهو السيل الكبير ) ، ومن كان يسكن دون الميقات فإنه يحرم من مكانه ،
فأهل جدة من جدة ، وأهل مكة من مكة .
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ
الشَّأْمِ الجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ ، وَلِأَهْلِ
اليَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ
غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ ،
فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ) .
أخرجه البخاري (1524) ، ومسلم (1181) .
قال الخطابي في "معالم السنن" (2/147) : " قلت : معنى التحديد في هذه المواقيت أن
لا تتعدى ولا تتجاوز إلا باستصحاب الإحرام ، وقد أجمعوا أنه لو أحرم دونها حتى
يوافي الميقات محرماً أجزأه " انتهى .
ثانياً :
لا يجوز لغير أهل مكة أن يحرموا من مكة إلا من أنشأ النية منها ؛ لأن الشارع قد حدد لكل أهل بلد ميقاتاً كما
ذكرنا آنفاً ، وله في ذلك الحكمة التامة ، وإن لم نقف عليها .
والله أعلم