الحمد لله.
أولا :
من ترك الصيام لعذر من سفر أو مرض يرجى برؤه ، لزمه قضاؤه ، فإن مات دون أن يقضيه ،
مع تمكنه من القضاء ، بقي الصيام في ذمته ، واستحب لأوليائه أن يصوموا عنه ؛ لحديث
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) رواه
البخاري (1952) ومسلم (1147) .
وأما إن مات قبل أن يتمكن من القضاء ، كمن استمر به المرض حتى مات ، فلا شيء عليه ،
ولا يقضي أولياؤه عنه شيئا .
ومن ترك الصيام تفريطا وإهمالا ، ولم يكن له عذر ، فهذا لا يلزمه القضاء ولا يصح
منه ؛ لفوات وقته .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (
50067 ) ورقم (81030) .
وبناء على ذلك :
فالذي يظهر من حال والدك وحرصه على الصلاة والخير أنه لا يترك الصيام بغير عذر ،
فيبقى أنه ترك الصيام لعذر السفر ، ولا يُعلم هل كان يقضي في سفره في الشتاء مثلا -
ولم تعلم بذلك والدتك - أم كان لا يقضي ، وهل كان يتمكن من القضاء مدة راحته
وإقامته ، أم كان دائم السفر لطبيعة عمله فلم يتمكن من قضاء ما فاته حتى مات .
وأمام هذه الاحتمالات ، يقال : إذا لم تقفوا على حقيقة الأمر ، وصمتم عنه ما تقدرون
عليه ، فهذا عمل خير وبر ، ينالكم أجره إن شاء الله ، وليس الأمر واجبا ، ولا يلزم
معرفة عدد السنوات التي أفطرها على وجه التحديد ، وإنما يعمل بغلبة الظن وأنه ترك
كذا من السنوات ، فتصومين عنه ما تقدرين عليه ، من باب الإحسان ، دون أن يشغلك ذلك
عما هو أهم وأنفع من الأعمال .
وهذا القضاء يجوز أن يشترك فيه جميع الورثة ، وما شق عليهم صومه ، أطعموا عنه ، عن
كل يوم مسكينا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، قلنا : أطعم
عن كل يوم مسكينا قياسا على صوم الفريضة " .
وقال : " فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابنا ، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن
ثلاثين يوما فيجزئ . ولو كانوا ثلاثين وارثا وصاموا كلهم يوما واحدا ، فيجزئ لأنهم
صاموا ثلاثين يوما ، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام
الثاني اليوم الذي بعده ، حتى يتموا ثلاثين يوما " انتهى من "الشرح الممتع" (6/
450- 452) .
ثانيا :
ما تركته والدتك من الصيام بعد بلوغها وقبل زواجها ، فيه تفصيل كما يلي :
1- ما تركته تفريطا وتهاونها دون عذر ، فلا يلزمها قضاؤه كما سبق .
2- ما تركته لعذر من حيض أو سفر أو مرض ، يلزمها قضاؤه ، وتجتهد في تقدير عدده بما
يغلب على الظن أنها تبرأ به .
والله أعلم .