الحمد لله.
أولا :
التأمين التجاري على الحياة ، والعجز ، مشتمل على الغرر والربا ، لأنه مال بمال مع المفاضلة والتأخير ، ولهذا لا يجوز الاشتراك فيه في قول أكثر أهل العلم ، وينظر : سؤال رقم(8889) .
لكن إذا أجبر عليه الإنسان ، كان الإثم على من أجبره .
ومن أصيب بحادث ، وعوضه التأمين أو صرف له راتبا ، جاز له أخذه ولو كان أكثر مما دفع ، لا سيما إذا كان التأمين تابعا للدولة أو ما يسمى بالمعاش التقاعدي ؛ لأنه مال بذله أصحابه ورغبوا عنه ، في عقد لم يشارك فيه المؤمّن باختياره .
وقد جَوَّز كثير من أهل العلم الانتفاع بما يأتي من نظام التقاعد التابع للدولة ، واعتبروا الزيادة من الدولة داخلة فيما يجب عليها من رعاية الضعفاء والقيام عليهم .
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : ما حكم أخذ المعاش التقاعدي ؟
فأجاب :
"يجوز أخذه ، وقد صدرت به فتوى من هيئة كبار العلماء" انتهى من كتاب "لقاءاتي مع الشيخين" للشيخ الدكتور عبد الله الطيار ، القسم الأول ص 66 .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : كنت متطوعا بالقوات المسلحة المصرية ، في الفترة من سبتمبر عام 1967م إلى يناير عام 1981م ، ومكثت بها ثلاثة عشر عاما تقريبا ، وكانوا يقتطعون جزءا من مرتب كل شهر لك تأمينات والمعاشات ، وهذا الأمر إجباري وبعد أن من الله علي بفهم الإسلام قمت بتقديم استقالتي ، وقبلت بفضل الله عز وجل ، ولكن أعطوني معاشا شهريا ، وقد ذكر لي بعض الإخوة أن هذا المعاش ربا ويجب علي ترك هذا المعاش ، فهل هذا الحكم صحيح أم لا ، وما هو الحكم الشرعي الصحيح في هذا المعاش؟
فأجابوا :
"إذا كان الواقع كذلك جاز لك أخذ معاش التقاعد ؛ لأنه مكافأة على الخدمة التي قمت بها مدة العمل في الحكومة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن قعود ، الشيخ عبد الله بن غديان.
انتهي من " فتاوى اللجنة الدائمة " (23/473) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : قاربت على التقاعد فبماذا تنصحني؟ هل أستقيل وأصفي حقوقي بدلاً من التقاعد لأني سمعت أن فيه شبهة رغم أنه أفيد بالنسبة لي من التصفية ، أم أنه ليس فيه شبهة فآخذ به؟
فأجاب : "أقول : ليس فيه شبهة إن شاء الله ، معاشات التقاعد ليس فيها شبهة لأنها من بيت المال وليست معاملة بين شخص وآخر حتى نقول : إن فيها شبهة الربا ، بل هي استحقاق لهذا المتقاعد من بيت المال ، فليس فيها شبهة ، تبقى على وظيفتك وتأخذ معاش التقاعد ، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيه البركة لك" انتهى من "اللقاء الشهري" (58/22) .
وينظر : سؤال رقم (42567) .
ثانيا :
يلزم الوفاء بالشروط المتفق عليها مع شركة التأمين ؛ لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة/1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود ( 3594 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه : فإذا كانت الشركة تشترط لاستحقاق راتب التأمين ألا يكون للموظف عمل آخر ، فلابد من الوفاء والصدق في ذلك ، فإن رغب الموظف في العمل فليتنازل عن راتب التأمين .
والواجب عليك بيان ذلك لصاحبك ، ونصحه بالوفاء والصدق ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن استمر في عمله ، فقد أديت ما عليك .
والله أعلم .