الحمد لله.
ثانياً:
السنة أن يُسلم الواحد على الاثنين والاثنين على الثلاثة ...؛ لما رواه أبو هريرة
رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (
يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ
عَلَى الْكَثِيرِ ) رواه البخاري(6231) ومسلم (2160) .
فإن لم يسلم الواحد على الاثنين .. سُن للأكثر إلقاء السلام على القلة عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) رواه مسلم(54) .
قال النووي رحمه الله :" قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : هذا المذكور هو السنة ، فلو خالفوا فسلم الماشي على الراكب أو الجالس عليهما ، لم يكره ، صرح به الإمام أبو سعد المتولي وغيره وعلى مقتضى هذا لا يكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل ، والكبير على الصغير ، ويكون هذا تركا لما يستحقه من سلام غيره عليه.." انتهى من كتاب "الأذكار"(1/256) .
وقال البهوتي رحمه الله : "
ويسن أن يسلم الصغير والقليل والماشي والراكب على ضدهم ؛ فيسلم الصغير على الكبير ،
والقليل على الكثير ، والماشي على الجالس ، والراكب على الماشي...فإن عكس؛ بأن سلم
الكبير على الصغير ، والكثير على القليل, والقاعد على الماشي ، والماشي على الراكب
: حصلت السنة ؛ للاشتراك في الأمر بإفشاء السلام . والأول أكمل في السنة, لامتيازه
بخصوص الأمر السابق.." .
انتهى من "كشاف القناع" (4/261) ط النوادر المحققة .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " .. فإذا لم تحصل السنة ممن يطالب بها ، يسلم الآخر، ومن تواضع لله رفعه الله " انتهى من " مجموع الفتاوى " (16/26،27) .
ثالثاً:
الذي يجب عليه رد السلام هو المُسَلَّم عليه ، أي : المقصود بإلقاء السلام ؛ فإن
كان شخصا واحدا ، وجب عليه وجوبا عينيا ، وإن كانوا جماعة ، وجب عليهم وجوبا كفائيا
أن يردوا السلام ؛ فمتى رد واحد منهم ، حصل المقصود ، ولو ردوا جميعا فهو أفضل .
ينظر : "كشاف القناع" (2/250) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا سلم رجل على إنسان فسمعه رجل آخر فهل يجب
عليه أن يرد السلام.
فأجاب: إذا سلم شخص على رجل، فإنه لا يلزم الآخر أن يرد عليه؛ لأنه غير مقصود بهذا
السلام .
أما إذا سلم على الجماعة عموماً فإن رد واحد منهم كاف ؛ لأن رد السلام فرض كفاية ،
وليس فرض عين ، قال أهل العلم وإذا دخل على جماعة وسلم وهو يريد واحداً منهم ،
لكونه كبيراً فيهم ، فإنه يجب على هذا الذي قصد بالسلام أن يرد ، وإن رد غيره ؛ لأن
الظاهر إن المسلم إنما أراد هذا الشخص الكبير" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
والله أعلم .