الحمد لله.
لكن إن كرهت الزوجة زوجها
لهيئته ، أو لسوء عشرته ، ولم تطق العيش معه ، فإنه يجوز لها طلب الطلاق حينئذ ،
لأنه لا مصلحة من بقائها على هذا الحال ، وقد يدفعها بغضها لزوجها إلى التقصير في
حقه ، فتأثم .
وقد روى البخاري في صحيحه ( 4867 ) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه أَنَّ
امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ
عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ، وَطَلِّقْهَا
تَطْلِيقَةً ).
وقولها : " ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي : أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي
حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه .. ونحو ذلك .
ينظر "فتح الباري" (9/400).
وعلى من يعرف هذه الأخت أن يسعى في الإصلاح بينها وبين زوجها بالمعروف .
والثاني : أنه لا يجوز لها أن تطلب الطلاق لتتزوج من ذلك الرجل ، ولا يجوز لهذا
الرجل أن يعينها ويحرضها على ذلك ، فهذا من التخبيب المحرم ، وهو الإفساد بين
الزوجين ، وصاحبه مقترف لكبيرة من كبائر الذنوب ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه
يحرم نكاحها على من خببها تحريما مؤبدا ، فعلى ذلك نكاحه لها لا يصح ، إن كان هو
الذي أفسدها على زوجها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ مِنَّا
مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ) . رواه أبو
داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وروى أبو داود ( 5170 ) –
أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ
مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - : ( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ،
أي : خدع وأفسد .
( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها "
انتهى من " عون المعبود " ( 6 / 159 ) .
وقال : ( مَنْ خَبَّب زوجة
امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها أو يزوجها لغيره أو غير
ذلك . " عون المعبود " ( 14 / 52 ) .
وينظر في تحريم ذلك وخلاف الفقهاء في صحة نكاح المخبب : جواب السؤال رقم(84849)
.
والله أعلم .