الحمد لله.
ما تذكرينه عن استقامتك على الشرع والتزامك بالصلاة وقيامك ببر والدتك وفعل
الواجبات أمر مفرح وتستحقين به الشكر والثناء ، والواجب عليك إكمال مسيرة الاستقامة
والطاعة بالابتعاد عن المال الحرام وترك التفكير في الاقتراض بالربا ؛ فالربا من
كبائر الذنوب المهلكة لأصحابها ، وقد توعَّد الله فاعلها بالعذاب ، وليس مثلك من
يقع في هذه الكبيرة التي تستجلب غضب الله وسخطه ، وكل ما ذكرتِه من أسباب لا يعد
عذراً لك في الشرع للاجتراء على اقتراف هذا الذنب ، وهل الراحة في فعل الحرام ؟!
وهل الراحة ستكون في السكن في بيتٍ أُسِّس على الذنب ؟! وهل الراحة في إفساد ما
بينكِ وبين ربكِ عز وجل ؟! لا شك ولا ريب أنه لن تكون لكِ راحة ولن تشعري بالهناء
إذا تجرأتِ على اقتراف جريمة الربا لما توعد به الرب تعالى العصاةَ بما يجدونه من
ضيق الصدر والمعيشة الضنك للقلب ، وقد بينَّا حرمة هذا شراء منزل بالربا في جواب
السؤال رقم ( 143149
) فانظريه .
والواجب عليك الصبر على أخلاق والدتك وشدة أسلوبها ، وبرها واجب مهما حصل منها وصدر
من تصرفات وأفعال تسيء إليكِ ، وليس ثمة ما هو أعظم من الكفر ذنباً ومع ذلك أوجب
الله تعالى على الأولاد برَّ والديهم الكفار ومصاحبتهم بالمعروف ، وما تفعله والدتك
يمكن الصبر عليه وتحمله بل تحمل أضعافه ، وقد وجد من هو أقل منك التزاما واستقامة
يفعل ذلك .
والحل الذي نراه أنسب لك ،
وأبعد لك عن هذا الضغط ، من غير خطأ ولا معصية ، هو أن تعيدي النظر في رفضك للزواج
؛ لأن ما تذكرينه من عدم موافقة الأزواج على إعانتك والدتك ماديّاً ليس على عمومه
فيهم ، بل قد تجدين من يساهم معك في إعانتها ، وليس من حق الزوج – شرعاً – التدخل
في شئونك المالية إذا أردتِ إعانة والدتك – وانظري في ذلك جواب السؤال رقم (
4037 ) - كما أنه
يمكنكِ جعل عملك المباح والإنفاق على أهلكِ شرطاً في عقد الزواج إذا أردتِ زيادة في
التوثيق .
إننا نرجو أن يكون الزواج حلاًّ لمشكلاتكِ مع والدتك ، وأن يكون قاطعاً للتفكير في
الاقتراض بفائدة ربوية ، وأن يكون تخفيفا لما تجدينه من ضغط الأعصاب ؛ إننا نأمل من
الله جل جلاله ، ونرجوه بفضله وإحسانه : أن يمن عليك بالزوج الصالح الطيب ، الذي
يقدر ظرفك ، ويعينك عليه ؛ فكوني على أمل من الله ورجاء فيه أن يوفقك لذلك ، ولا
تترددي في إعادة النظر في رفض الزواج ولعلَّه أن يكون مفتاح حل لما تعانينه .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن يعينك على بر والدتك ، وأن يرزقك زوجاً
صالحا وذرية طيبة .
والله أعلم