الحمد لله.
لم تشترط الشريعة وجود المحرم مع المرأة إلا عند سفرها ، فإذا أرادت الذهاب إلى
المسجد أو السوق أو لزيارة جارة أو قريبة ، وكانت المكان قريباً لا يعد المنتقل
إليه مسافراً : فإنه لا حرج عليها أن تذهب وحدها من غير محرم ، على أن ذلك مشروط
بوجود الأمن ، فيجب أن تكون الطريقة مأمونة لا خطر عليها في ذهابها وإيابها .
فإذا كانت الطريق مأمونة ، ووصلت الفتاة إلى المسجد فلا حرج من اجتماعها بأخواتها
للقيام بأعمال جماعية كطلب العلم ، أو للقيام بأعمال فردية كقراءة القرآن والصلاة ،
وأما بياتها في المسجد مع صديقاتها وأخواتها فيجوز من حيث الأصل إذا كان مصلى
النساء محفوظاً مأموناً من دخول الرجال عليه ، أو اعتداء سفهاء عليهن ، وتقدير ذلك
يرجع للقائمين على المسجد من الإدارة والإمام واللجنة القائمة عليه ، ويرجع إلى
تقدير الآباء ، فلكل بيئة حكمها ، والمهم في ذلك كله أن تكون الفتيات في مأمن من
دخول الرجال عليهن ، أو تعرض السفهاء لهن ، ويفضَّل أن يوجد من يقوم على توجيههن
والعناية بهن من طالبات العلم ، لئلا يحصل باجتماعهن فتنة ، ولتضبط تصرفاتهن بالشرع
ويُحافظ على وقتهن من الضياع .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " فالمرأة تعتكف ما لم يكن في
اعتكافها فتنة ، فإن كان في اعتكافها فتنة : فإنها لا تمكَّن من هذا ؛ لأن المستحب
إذا ترتب عليه الممنوع : وجب أن يُمنع ، كالمباح إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع
.
إلى أن قال رحمه الله :
ولكن قد يقال : كيف تعتكف في مسجد لا تُصلى فيه الجماعة ؟ أليس في هذا فتنة ؟
الجواب : ربما يكون ، وربما لا يكون ؛ فقد يكون المسجد هذا محرزاً محفوظاً لا يدخله
أحد ، ولا يخشى على النساء فتنة في اعتكافهن فيه ، وقد يكون الأمر بالعكس ، فالمدار
: أنه متى حصلت الفتنة منع من اعتكاف النساء في أي مسجد كان " .
انتهى من " الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 6 / 510 ، 511 ) .
ولا يجوز للنساء رفع أصواتهن
ليصل إلى الرجال ، فإذا كانت المرأة تمنع من التسبيح للإمام إذا أخطأ في الصلاة ،
وتمنع من الأذان والإمامة والخطابة ، وكل ذلك فيه ذكرٌ لله تعالى ؛ فهي ممنوعة من
باب أولى من إظهار صوتها بغير ذلك من الكلام .
قال ابن حجر رحمه الله : " وكان منع النساء من التسبيح لأنها مأمورة بخفض صوتها في
الصلاة مطلقا ، لما يخشى من الافتتان " .
انتهى من " فتح الباري " ( 3 / 77 ) ، وانظري جوابي السؤالين (
9279 ) و (
39186 ) .
هذا من حيث بيان الحكم
الشرعي ، وإن كنا لا ننصح بمسألة البيات في المسجد للغرض المذكور ، ونرى أن يكفي أن
يقضين النهار سويا في مدارسة العلم ، والتعاون على الطاعة ، ثم يبتن في بيوتهن .
نسأل الله أن يحفظهن ويرعاهن
وأن يوفقهن لما فيه رضاه ، وانظري - لمزيد فائدة - جوابي السؤالين (
49898) و (26298
) .
والله أعلم