الحمد لله.
سئل علماء اللجنة :
" هناك أحد الزملاء كان موظفا بإحدى الشركات بالمملكة وكان محصل إيرادات يومي ،
وعند نهاية حساب اليوم يحتاج بعض الأيام إلى مبلغ من المال لقضاء حاجاته ، فكان
يسحب من ذلك الإيراد العائد للشركة ، ويوم تلو يوم إلى أن وجد أن مجموع ما سحبه بلغ
أكثر من 50 ألف خمسين ألف ، وقد تردد مرارا كثيرة فيما يعمله ، واستقال من الشركة ،
وخاف من أن يعيدها فيتهم بالسرقة ، ويدخل السجن ، وبالتالي يطرد من الوظائف ، فندم
أشد الندم ، وتاب إلى الله توبة نصوحا ، فماذا يعمل ؟ وكيف يرد تلك الأموال ؟
فأجابوا : " ما حصل من هذا الموظف من كبائر الذنوب ؛ لأنه ظلم لأصحاب الشركة وخيانة
لهم ، وعليه مع التوبة والاستغفار أن يرد ما أخذه ظلما إلى الشركة بأي شكل ، وبأي
طريق ما استطاع إلى ذلك سبيلا " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (15 /140-141) .
راجع جواب السؤال رقم (31234)
، (45670) .
فالواجب عليك رد ما أخذت من
الشركة بغير وجه شرعي ، إلى الفرع الذي كنت تعمل به ، متى أمكنك ذلك ؛ وإلا فرده
إلى الفرع الذي يتيسر لك ، إذا كنت تعلم أن الوعاء المالي لفروع الشركة كلها واحد ،
وأن جميع الفروع تصب في ميزانية واحدة .
لكن الواجب عليك أن ترد المال بصفته التي أخذته ، نقودا ، ولا تتصرف فيها ؛ لأن هذا
تصرف غير مأذون فيه من مالكه ، وأن تبحث عن حيلة تعينك على ذلك ، ولو في صورة تبرع
، أو أي صورة تراها مناسبة محققة للمقصود من رد الحق إلى أهله ، مع الستر على نفسك
وعدم فضيحتها .
فإن لم يمكنك ذلك وشق عليك ، وأمكنك رد هذه الحقوق على هيئة أثاث للعمل ومستلزمات
إنتاج ونحو ذلك مما تحتاج إليه الشركة فعلا ، ومن شأنه أن يوفر لها نفقتها عليه ،
فلا حرج عليك في ذلك ، إن شاء الله ، حيث لم تتمكن إلا منه ، وقد قال الله تعالى (
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض
المأمور وعجز عن بعضه ، فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ويدخل تحت
هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر " انتهى من "تفسير السعدي" (ص
868) .
والله تعالى أعلم .