الحمد لله.
وذهب الجمهور إلى التسوية
بين الذكر والأنثى في العطية .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا ثبت هذا , فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على
حسب قسمة الله تعالى الميراث , فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، وبهذا قال عطاء ,
وشريح , وإسحاق , ومحمد بن الحسن . قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده : ارددهم إلى
سهام الله تعالى وفرائضه وقال عطاء : ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى .
وقال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وابن المبارك : تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر
; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد : " سوِّ بينهم " ، وعلل ذلك
بقوله : أيسرك أن يستووا في برك ؟ قال : نعم ، قال : فسوِّ بينهم ، والبنت كالابن
في استحقاق برها , وكذلك في عطيتها ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( سووا بين أولادكم في العطية , ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على
الرجال ) رواه سعيد في " سننه " ؛ ولأنها عطية في الحياة , فاستوى فيها الذكر
والأنثى , كالنفقة والكسوة .
ولنا : أن الله تعالى قسم بينهم , فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين , وأولى ما اقتدى
بقسمة الله , ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية , فيجعل للذكر منها مثل حظ
الأنثيين , كحالة الموت ، يعني الميراث .
يحقّقه : أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت , فينبغي أن تكون على حسبه , كما أن
معجِّل الزكاة قبل وجوبها ، يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها , وكذلك الكفارات
المعجلة , ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قِبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق
والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر , والأنثى لها ذلك , فكان أولى بالتفضيل ; لزيادة
حاجته , وقد قسم الله تعالى الميراث , ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى ، فتعلل به ,
ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة " .
انتهى من "المغني" (5/ 389).
ولو فاضل الأب في العطية ثم
مات ، لزم الأولاد أن يصححوا القسمة ، ويقيموا العدل ، فيكملون نصيب البنات ، لتأخذ
البنت نصف ما أخذ الذكر ، ثم يقسمون الفاضل من التركة بعد ذلك .
وعليه : فيلزم الأبناء المذكورين أن يعطوا كل أخت من أخواتهم 45 مليونا قبل قسمة
التركة ، فإن لم يفعلوا كانوا آثمين ظالمين آكلين للمال الباطل .
والله أعلم .