الحمد لله.
ثانياً:
لا خلاف بين العلماء في اشتراط الإسلام والعقل والذكورة لصحة الأذان ، وحكم الإقامة
كحكم الأذان لا فرق .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ذكر ، فأما الكافر
والمجنون : فلا يصح منهما لأنهما ليسا من أهل العبادات ، ولا يعتد بأذان المرأة ؛
لأنها ليست ممن يشرع له الأذان فأشبهت المجنون ، ولا الخنثى ؛ لأنه لا يُعلم كونه
رجلاً ، وهذا كله مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً " انتهى من " المغني " ( 1 /
458 ) .
وما نقلتَه من أقوال عن زميلك في العمل لا شك أنه كفر أكبر وردة بيِّنة عن الدِّين ، ولا يصح معها عمل ولا تقبل منه طاعة ، وهذا ما لا يختلف عليه أحد من أهل الإسلام ، ولكنَّ العبرة فيمن تسأل عنه هو تحقيق هذا الحكم في شخص ذلك الرجل ؛ لأن المسلم قد يُصاب بأمراض نفسية أو عضوية تؤثِّر في عقله تأثيراً بالغاً حتى لا يدري ما يقول ولا ما يفعل ، كالعتَه والجُنون ، فمثل هذا إن صدر منه قول أو فعل : فلا يكون معه ذنب أو إثم ؛ لأنه يكون معذوراً ؛ وذلك لوجود عارض من عوارض الأهلية تمنع من مخاطبته بالتكاليف الشرعية ، وعليه : فلا يؤاخذ في الذنوب التي يقترفها مما تكون بينه وبين ربِّه ، وأما ما يفعله مما يترتب عليه حقوق للآخرين : فإن لهم المطالبة بها من أوليائه .
والخلاصة :
لمعرفة الحكم الشرعي في ذلك الزميل ومعرفة حكم إدخاله للمسجد وحكم إقامته للصلاة
فلا بدَّ من معرفة خلوِّه من عوارض الأهلية ، فإذا ثبت أنه عاقل يدري ما يقول فلا
شك أنه وقع بما قاله في الكفر المخرج من الملة فلا ينبغي تمكينه من دخول المسجد
فضلا عن تمكينه من إقامة للصلاة ، وإذا ثبت وجود مرض نفسي أو عقلي يمنعان من
التكليف : فلا يؤاخذ بما يقول ، وينبغي منعه من إقامة الصلاة لعدم أهليته لذلك .
والله أعلم