الحمد لله.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 117): "إذا كان إسلام أحدهما بعد الدخول, ففيه عن أحمد روايتان; إحداهما: يقف على انقضاء العدة, فإن أسلم الآخر قبل انقضائها, فهما على النكاح , وإن لم يسلم حتى انقضت العدة , وقعت الفرقة منذ اختلف الدينان, فلا يحتاج إلى استئناف العدة ، وهذا قول الزهري, والليث, والحسن بن صالح , والأوزاعي, والشافعي, وإسحاق ، ونحوه عن مجاهد, وعبد الله بن عمر, ومحمد بن الحسن" انتهى.
والعدة هي ثلاث حيضات لمن كانت تحيض ، أو ثلاثة أشهر لمن لا تحيض .
وعليه : فإذا كنت تزوجتها
بعد انقضاء عدتها ، فنكاحك صحيح ، ولا يضره أنها لا زالت زوجة للآخر بحسب القانون.
وأما إذا كان زواجك منها قبل انقضاء عدتها ، فالنكاح لا يصح ، وعليها أن تكمل عدتها
، ثم لك أن تتزوجها بعد ذلك .
ثانيا :
مع صحة نكاحكما - إذا كان قد وقع بعد العدة - إلا أنه يلزمها التخلص من النكاح
السابق قانونيا ، لأمور :
الأول : أنه يترتب على بقاء النكاح قانونا أحكام ، كإرثها من ذلك الرجل ، أو إرثه
منها ، ولا توارث بينهما شرعا .
الثاني : أن القانون إذا كان لا يعطي المنحة أو الضمان للمطلقة ، لم يجز لها
التحايل لأخذه .
وإذا كان النظام يقضي بأنها تدفع مالا أو ضريبة ، لتُرد عليها أو على أولادها ،
فلها السعي لأخذ ما دفعت فقط ، ثم تمسك عن الأخذ .
الثالث : أنه يجب أن توثق نكاحك منها ، حفظا لحقك وحقها وحق أولادكما ، وهذا لا
يمكن إلا بتطليقها من زوجها الأول .
وأما خوفها من تطليقك لها ، فلا نظن أنها تريد الرجوع إلى الأول ؛ لأنه كافر لا يحل لها ، ولأنه لو أسلم لم يجز لها الرجوع إليه إلا بعقد جديد . والظاهر أنها تقصد الإبقاء على ما تصرفه الدولة لها أو لأولادها من مال ، فيقال لها حينئذ : إنك بالإبقاء على العقد الأول تقعين في مفاسد ، وقد تأخذين ما ليس لك ، وإذا ترتب على ذلك عدم توثيقها لنكاحكما ، فهذا تضييع لواجب .
ثالثا :
الولد الذي نشأ عن نكاحكما ، منسوب لك ، لأنه إن كان النكاح بعد انقضاء العدة فهو
نكاح صحيح كما سبق . وإن كان قبل العدة فهو نكاح باطل ، لكن لاعتقادكما صحته ، فإن
الولد ينسب إليك .
وعليك أن تعالج هذه المسـألة بالرفق والحكمة .
والله أعلم .