الحمد لله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن
سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا وكذا ، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما
تصطلحان عليه ، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب –
مثلاً – إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال
يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم – مثلاً – من طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها
رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت
إلى الله – عز وجل – فأرجو أن توصلها إليه .
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً )
الطلاق / 2 ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )
الطلاق / 4 .
فإذا قُدِّر أنك سرقتَ من شخصٍ لا تعلمه الآن ولا تدري أين هو : فهذا أيضاً أسهل من
الأول ؛ لأنه يمكنك أن تتصدق بما سرقتَ بنيَّة أنه لصاحبه ، وحينئذٍ تبرأ منه .
إن هذه القصة التي ذكرها السائل توجب للإنسان أن يبتعد عن مثل هذا الأمر ؛ لأنه قد
يكون في حال طيش وسفهٍ فيسرق ولا يهتم ، ثم إذا منَّ الله عليه بالهداية يتعب في
التخلص من ذلك " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " ( 4 / 162) .
ثالثا :
ما قمت به من الدعاية والدلالة لا تستحق عليه أجرا إلا إذا كنت منتصبا لهذا العمل ،
يعرف الناس عنك القيام به بمقابل ، فلك أجر المثل حينئذ ، وإلا فأنت متبرع ؛ لأنك
لم تشترط على صاحبك شيئا .
قال في كشاف القناع (4/206) : (( ومن عمل لغيره عملا بغير جُعْل فلا شيء له ) ;
لأنه بذل منفعته من غير عوض فلم يستحقه , ولئلا يلزم الإنسان ما لم يلتزمه , ولم
تطب نفسه به ( إن لم يكن ) العامل ( مُعَدَاً لأخذ الأجرة فإن كان ) معدا لذلك (
كالملاح , والمُكاري , والحجام , والقصار , والخياط , والدلال , ونحوهم ) كالنقاد ,
والكيال , والوزان , وشبههم ( ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل , وأذن له ) المعمول في
العمل ( فله أجرة المثل ) لدلالة العرف على ذلك ...) انتهى.
وعليه : فإن كنت مشتغلا بالدعاية والإعلان بمقابل ، وكان صاحبك يعلم ذلك ، فلك أجر
المثل على ما قدمت له من إعلان ، ولك أن تطالبه بذلك ، أو تجعلها مقابل ما سرقت منه
، دون إخباره بالسرقة خشية المفسدة .
وإن لم يكن معلوما عنك القيام بالدعاية بمقابل ، فلا تستحق شيئا من صاحبك ، ويلزمك
رد ما سرقت منه ، بالطريق المتيسرة لك ، حسبما سبق .
والله أعلم .