الحمد لله.
ولكن إذا كانت أنظمة الدولة
تقضي بأن يكون الشارع على مساحة معينة لمقتضيات المصلحة العامة ، ولأن ضيقه سيؤدي
إلى حصول ضرر ومفسدة وتعطيل مصالح ضرورية لعامة الناس ، ومن ثَمّ تفرض على أصحاب
الأراضي التي تقع على الطريق ترك مساحة معينة للشارع : جاز أخذ تلك المساحة بعينها
من أرض المسجد ، أسوةَ الغير .
والأصل في ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا ضَرَرَ وَلَا
ضِرَارَ ) رواه ابن ماجة (2340) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
وقد بوّب البخاري رحمه الله في صحيحه : " بَاب الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالنَّاسِ ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَأَيُّوبُ وَمَالِكٌ " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه
الله :
" قَالَ الْمَازِرِيّ : بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي مِلْك الْمَرْء جَائِز
بِالْإِجْمَاعِ . وَفِي غَيْرِ مِلْكِهِ مُمْتَنِع بِالْإِجْمَاعِ ُ وَفِي
الْمُبَاحَاتِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ بِأَحَد جَائِز أَيْضًا ُ " انتهى .
فعلى ما تقدم : لا يجوز إلزام الواقف بترك مساحة من أرض المسجد لتضاف إلى حرم الطريق العام إلا بمقتضى الضرورة ، وحيث كانت المصلحة العامة لا تتم إلا بذلك .
والله أعلم .