حكم اشتراط تنازل الأم عن حق الحضانة في حال حدوث الطلاق
حصل بيني وبين زوجتي نزاع استمر زمنا، وبسبب ذلك حصل تنافر وتباعد ، وأنا الآن أريد أن أعيد المياه إلى مجاريها ، لكن بأن أشترط على زوجتي شرطا : أنه في حالة حصول نزاع أدى إلى الطلاق ، تتخلى هي عن حضانة الأبناء- إذ رزقنا الله تعالى أبناء - وتلتزم هي بهذا الشرط ، ويتم توثيقه والإشهاد عليه في مؤسسة حكومية ، حيث يتم توثيق الوثائق ، علما أن الزوجة موافقة على ذلك ، فما حكم ذلك ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
إذا افترق الزوجان فأحق الناس بحضانة الطفل أمه ما لم تتزوج .
قال ابن المنذر رحمه الله : " أجمعوا أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل أن الأم
أحق به ما لم تَنكح ، وأجمعوا على أن لا حق للأم في الولد إذا تزوجت " انتهى من
"الإجماع" صـ24 .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (153390
) ، (8189) ، (5234
) .
ثانياً :
بما أن الحضانة حق من حقوق الأم ، فإن لها أن تطالب بها ، ولها أن تتنازل عنها ،
كسائر حقوقها .
وعلى هذا ، إذا تم الاتفاق بينكما على أن تتنازل لك عن حق الحضانة ، فلا حرج في ذلك
، سواء كان هذا التنازل مقابل مال تدفعها لها ، أو دون مقابل .
قال ابن رشد المالكي : " الحضانة حق للأم ، إن شاءت أخذته ، وإن شاءت تركته ... ولا
وجه لقول من منع ذلك ؛ لأن ما اتفقا عليه إنما هو صلح صالحها بما أعطاها على أن
أسلمت إليه ابنه ، وتركت له حقاً في حضانتها إياه". انتهى من " فتاوى ابن رشد"
(3/1546-1547).
قال ابن القيم : " وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنْتِ
أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ
لِلْأُمِّ ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ ، هَلْ هِيَ لِلْحَاضِنِ ، أَمْ
عَلَيْهِ؟ [ أي : هل الحضانة حق للحاضن أم حق عليه ]
وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا : هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا
فَيَنْزِلَ عَنْهَا؟
عَلَى قَوْلَيْنِ ...
وَالصَّحِيحُ : أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقٌّ لَهَا ، وَعَلَيْهَا إِذَا احْتَاجَ
الطِّفْلُ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا ، وَإِنِ اتَّفَقَتْ هِيَ،
وَوَلِيُّ الطِّفْلِ عَلَى نَقْلِهَا إِلَيْهِ جَازَ ". انتهى من "زاد المعاد "
(5/403) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " والحضانة حق للحاضن لا حق عليه ، وعلى هذا فإذا أراد أن
يتخلى عنها لمن دونه جاز له ذلك ". انتهى من "الشرح الممتع (13/536).
وقال : " وإذا أسقطت حقها من الحضانة ، فلا حرج في ذلك "، انتهى من فتاوى نور على
الدرب (19/2، بترقيم الشاملة آليا) .
والله أعلم .