الحمد لله.
ثالثا :
لا تصح هبة المجنون ، ولا بيعه ، ولا شراؤه ، ولا شيء من تصرفاته المالية ، لنقصان
أهليته عن التصرف .
جاء في الموسوعة الفقهية أيضا (16/107) :
" لاَ تَصِحُّ هِبَتُهُ – أي المجنون - وَلاَ صَدَقَتُهُ ، وَلاَ وَقْفُهُ ، وَلاَ
وَصِيَّتُهُ ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ ؛ لأِنَّ التَّصَرُّفَاتِ يُشْتَرَطُ فِيهَا
كَمَال الْعَقْل ، وَالْمَجْنُونُ مَسْلُوبُ الْعَقْل أَوْ مُخْتَلُّهُ ، وَعَدِيمُ
التَّمْيِيزِ وَالأْهْلِيَّةِ ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ " انتهى .
لكن المجنون ، ومن في حكمه
كالمصاب بالزهايمر ، إذا كان عقله يذهب أحيانا ويعاوده أحيانا ، تعلق به التكليف ،
وصحت معاملاته حال معاودة عقله له ، بخلاف حاله عند ذهاب عقله ، فإنه حينئذ لا
يتعلق به تكليف ولا تصح له معاملة .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَأَمَّا الَّذِي يُجَنُّ أَحْيَانًا، وَيُفِيقُ أَحْيَانًا، فَإِنْ وَصَّى حَالِ
جُنُونِهِ لَمْ تَصِحَّ، وَإِنْ وَصَّى فِي حَالِ عَقْلِهِ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ؛
لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعُقَلَاءِ فِي شَهَادَتِهِ، وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ
عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ " انتهى من "المغني"
(6/216) .
وجاء في "عون المعبود شرح سنن أبي داود " :
" وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الْأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله ، تَعَلَّقَ بِهِ
التَّكْلِيف " انتهى .
فعلى ما تقدم :
إذا علمنا أن الجدة قد تنازلت عن حقها لزوجها ، أو أقرت بهذا التنازل ، حال حضور
عقلها التام : صح تنازلها ، وتكون الأرض كلها في قسمة الميراث .
أما إذا كان تنازلها ، أو إقرارها ، حال مرضها وعدم تمييزها ، أو كان في حال لا ندري هل هي في كامل عقلها أم لا ، فلا يصح تنازلها لعدم أهليتها في التصرف ، وعلى ذلك يقدر ما يخصها من تلك الأرض التي شاركت زوجها في شرائها فيكون ملكا خالصا لها ، زيادة على حقها في الميراث .
والله أعلم .