الحمد لله.
فعلى ما تقدم : إذا كان النزيف يأتيك ثم يتوقف ، هكذا باستمرار ، لكن لم تري طهرك بإحدى العلامتين السابقتين : فالكل في مدة الأربعين نفاس ، ولا عبرة بتوقف النزيف يوما أو بعض يوم ، ولا يكون طهر إلا بحصول الجفاف التام ، أو نزول القصة البيضاء .
قال الحجاوي في "الزاد"
(36-37) :
" ومن رأت يوما دما ويوما نقاء فالدم حيض والنقاء طهر ما لم يعبر أكثره " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" القول الثاني: أنَّ اليومَ ونصفَ اليوم لا يُعدُّ طُهراً ؛ لأنَّ عادة النِّساء
أن تجفَّ يوماً أو ليلة ؛ حتى في أثناء الحيض ولا ترى الطُّهر، ولا ترى نفسها طاهرة
في هذه المدَّة ، بل تترقَّب نزول الدم ، فإذا كان هذا من العادة ، فإِنه يُحكم
لهذا اليوم الذي رأت النَّقاء فيه بأنه يومُ حيض ؛ لا يجب عليها فيه غُسْلٌ ، ولا
صلاةٌ ، ولا تطوف ولا تعتكف ؛ لأنَّها حائض ، حتى ترى الطُّهر .
ويؤيِّد هذا : قول عائشة رضي الله عنها للنِّساء إِذا أحضرن لها الكرسف ـ القطن ـ
لتراها هل طَهُرتْ المرأة أم لا ؟ فتقول: " لا تعجلن حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ
البيضاء " . أي لا تغتسلن ، ولا تصلِّين حتى تَرَيْنَ القصَّةَ البيضاء .
ولأن في إِلزامها بالقول الأول مشقَّةً شديدةً ، ولا سيَّما في أيَّام الشَّتاء
وأيام الأسفار ونحوها .
وهذا أقرب للصَّواب ، فجفافُ المرأة لمدَّة عشرين ساعة ، أو أربع وعشرين ساعة أو
قريباً من هذا لا يُعَدُّ طُهراً ؛ لأنه معتاد للنِّساء " انتهى من "الشرح الممتع"
(1 /500-501) .
فإذا انقطع النزيف الظهر ـ مثلا ـ وعاودك العشاء فليس هذا بطهر ، بل هو من جملة مدة
النفاس ، وهذا معتاد في النفساء : أن الموضع يجف أحيانا ، ثم يرجع النزيف ثانية .
فلا تعجلي حتى يتم الجفاف تماما ، وينقطع تواصل نزول الدم وآثاره .
فإذا انقضت مدة النفاس ،
تغتسل المرأة وتصلي وتصوم ، وإن عاودها الدم بعد الأربعين فهو دم استحاضة ، لا
يمنعها من الصلاة أو الصوم ، إلا أن يصادف وقت عادتها فإنها تعتبره حيضا تدع له
الصلاة والصوم ويحرم على زوجها جماعها .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" النفساء إذا كان عاد إليها في فترة الأربعين فإنه يعتبر نفاسا، وإن كان عاد إليها
بعد تمام الأربعين فإنها لا تعتبره شيئا ؛ إلا إذا صادف أيام حيضها قبل النفاس وقبل
الحمل " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (51 /8) .
وينظر جواب السؤال رقم : (126055)
.
وإذا أخطأت المرأة في تحديد
وقت الطهر بناء على ظنها واجتهادها ، فلا شيء عليها فيما صلت أو صامت في وقت حيضها
.
وينظر جواب السؤال رقم : (45885)
.
والله تعالى أعلم .