الحمد لله.
وأما الأموال التي ذكرت أنها
رواتب موظفين وصيانة ومصروف : فهذه أموال تصرف أولا بأول ولا يحول عليها الحول ،
لذلك لا زكاة عليها ، لأن ملكيتها تنتقل إلى المنتفعين ، ومدار الزكاة في الأموال
على فائض المال المتبقي بيد صاحبه ، إذا حال عليه الحول ، سواء أكان مدخرا ، أو
معدّاً لغرض آخر.
ثالثاً :
يحسب حولان الحول على المال من حين ملكه ، والمال الموروث لا ينتقل إلى ملك الورثة
، إلا بعد وفاة المورث ( والدكم ) ؛ وحينئذ يبدأ الحساب ؛ فما ذكرته من حساب الزكاة
من حساب زكاتكم من تاريخ وفاة الوالد بالهجري ، هو الواجب عليكم .
وإمكان الخطأ في الحساب ، أو التوزيع ، أو غير ذلك من أمور إدارة المال ، فهذا لا
يخلو منه أحد ، لكن المهم أن تجتهد في ضبط ذلك بنفسك ، إن كان لك القدرة على ضبطه ،
أو بالاستعانة بأهل الخبرة الثقات الذين يعينونك على أمرك ، ثم ما يتفق للعبد بعد
ذلك من خطأ أو نسيان ، فالله تعالى أكرم من أن يؤاخذ عباده به ، إن بذلوا ما
يستطيعون من تقوى الله تعالى .
خامساً:
لا بأس أن تصرف الزكاة بنفسك إذا وجدت المحتاجين لكن لا بد من عدم التأخير .
قال ابن قدامة – رحمه الله - : " يستحب للإنسان أن يلي تفرقة الزكاة بنفسه ليكون
على يقين من وصولها إلى مستحقها ، سواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة ، قال
الإمام أحمد : أعجب إليَّ أن يخرجها وإن دفعها إلى السلطان فهو جائز " انتهى من "
المغني " (2/505).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
زكاة النقود من تُدفع له ؟ هل يصح توزيعها من قبل الشخص المزكي على الفقراء
والمساكين ، أم يدفعها لولاة الأمور مثل بيت المال ؟ .
فأجابوا :
" يستحب للإنسان تفريق زكاة نقوده بنفسه على أهلها المستحقين لها من الفقراء وغيرهم
المذكورين في قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ ) ، وإذا طلبها ولي
الأمر فإن المشروع تسليمها له ؛ لأن ذلك من باب السمع والطاعة في المعروف ، وبذلك
تبرأ الذمة من الواجب إذا كان الولي مسلماً .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن منيع " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 424 ) .
وإذا وجدت الأمر شاقّاً عليك
فأعطها لمن ترى أنه يضعها في أيدي الفقراء والمساكين أو الغارمين أو في سبيل الله
أو ابن السبيل من جمعيات أو مشايخ لهم باع في هذا الشأن .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
لمن تصرف الزكاة ؟ ونأمل تفسير كل نوع من مستحقيها ؟ .
فأجابوا :
" تصرف للأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) .
الفقير: الذي يجد بعض ما يكفيه .
والمسكين : الذي لا شيء له ، وقال بعض العلماء بالعكس، وهو الراجح .
والمراد بالعاملين عليها : السعاة الذين يبعثهم إمام المسلمين أو نائبه لجبايتها ،
ويدخل في ذلك كاتبها وقاسمها .
والمراد بالمؤلفة قلوبهم : من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف
إيمانه .
والمراد بقوله تعالى ( وَفِي الرِّقَابِ ) عتق المسلم من مال الزكاة ، عبداً كان أو
أمَة ، ومن ذلك فك الأسارى ومساعدة المكاتبين .
والمراد بالغارمين : من استدان في غير معصية وليس عنده سداد لدينه ، ومن غرم في صلح
مشروع .
والمراد بقوله تعالى ( وَفِي سَبِيلِ ) إعطاء الغزاة والمرابطين في الثغور من
الزكاة ما ينفقونه في غزوهم ورباطهم .
والمراد بابن السبيل : المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله ، فيعطى ما
يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده ولو كان غنيّاً في بلده ، وإذا أردت التوسع في
ذلك فراجع " تفسير البغوي " و " ابن كثير " .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 10 / 6 ) .
والله أعلم .