حكم لبس القصير تحت الركبة ومع شراب أسود أمام النساء
ما حكم لبس القصير تحت الركبة ومعه شراب أسود طويل يغطي الساق ، علما بأنه غير ضيق ، وأمام النساء فقط ؟
الجواب
الحمد لله.
المقرر عند الفقهاء أن عورة المرأة مع المرأة هي ما بين السرة والركبة ، سواء كانت
المرأة أما أو أختا أو أجنبية عنها ، فلا يحل لامرأة أن تنظر من أختها إلى ما بين
السرة والركبة إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة كالمداواة ونحوها .
وهذا لا يعني أن المرأة تجلس بين النساء كاشفة عن جميع بدنها إلا ما بين السرة
والركبة ، فإن هذا لا تفعله إلا المتهتكات المستهترات ، أو الفاسقات الماجنات ، فلا
ينبغي أن يساء فهم قول الفقهاء : " العورة ما بين السرة والركبة " فإن كلامهم ليس
فيه أن هذا هو لباس المرأة ، الذي تداوم عليه ، وتظهر به بين أخواتها وقريناتها ،
فإن هذا لا يقره عقل ، ولا تدعو إليه فطرة .
بل لباسها مع أخواتها وبنات جنسها ينبغي أن يكون ساترا سابغا ، يدل على حيائها
ووقارها ، فلا يبدو منه إلا ما يظهر عند الشغل والخدمة ، كالرأس والعنق والذراعين
والقدمين ، وهو ما تظهره المرأة لمحارمها من الرجال ، وهذا ما دل عليه القرآن
الكريم .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/ 290) : " وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا
تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها ، مما جرت العادة بكشفه في البيت وحال المهنة (
يعني الخدمة في البيت ) ، كما قال تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا
لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ
أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ
بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 .
وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة ، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونساء الصحابة ، ومن اتبعهن بإحسان من
نساء الأمة إلى عصرنا هذا ، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية هو ما يظهر من
المرأة غالباً في البيت ، وحال المهنة ، ويشق عليها التحرز منه ، كانكشاف الرأس
واليدين والعنق والقدمين ، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه
دليل من كتاب أو سنة – هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها ،
وهذا موجود بينهن ، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء ، كما أن في ذلك تشبهاً
بالكافرات والبغايا والماجنات في لباسهن ، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أخرجه
الإمام أحمد وأبو داود " انتهى ، وينظر تتمة الفتوى في جواب السؤال رقم (34745)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"ولما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، فهل
كان الصحابة يلبسون أزراً من السرة إلى الركبة أو سراويل من السرة إلى الركبة ، وهل
يعقل الآن أن امرأة تخرج إلى النساء ليس عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة
والركبة هذا لا يقوله أحد ، ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار ، فهذا الذي لُبِس على
بعض النساء ، لا أصل له ؛ أي هذا الذي فهمه بعض النساء من هذا الحديث لا صحة له ،
والحديث معناه ظاهر : لم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لباس المرأة ما بين
السرة والركبة ؛ فعلى النساء أن يتقين الله وأن يتحلين بالحياء الذي هو من خلق
المرأة ، والذي هو من الإيمان ، كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (
الحياء شعبة من الإيمان ) ؛ وكما تكون المرأة مضرباً للمثل فيقال : ( أحيا من
العذراء في خدرها ) ولم يُعلم ولا عن نساء الجاهلية أنهن كن يسترن ما بين السرة
والركبة فقط ، لا عند النساء ولا عند الرجال ؛ فهل يريد هؤلاء النساء أن تكون نساء
المسلمين أبشع صورة من نساء الجاهلية .
والخلاصة : أن اللباس شيء ، والنظر إلى العورة شيء آخر ؛ أما اللباس فلباس المرأة
مع المرأة : المشروع فيه أن يستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل ؛ هذا هو المشروع ،
ولكن لو احتاجت المرأة إلى تشمير ثوبها لشغل أو نحوه فلها أن تشمر إلى الركبة ،
وكذلك لو احتاجت إلى تشمير الذراع إلى العضد فإنها تفعل ذلك بقدر الحاجة فقط ، وأما
أن يكون هذا هو اللباس المعتاد الذي تلبسه فلا " انتهى من" فتاوى الشيخ محمد بن
صالح العثيمين لمجلة الدعوة " العدد 1765 / 55. وينظر : سؤال رقم (12371)
.
وعليه : فالواجب أن تلبسي الثياب المعتادة الساترة ، وأن تحافظي على حيائك ، وأن
تتجنبي التشبه بالفاسقات أو الكافرات ، وأن تدعي كل ما من شأنه إثارة الفتنة والشر
، ولو كان بين النساء ، فإن الفتنة قد تقع بين النساء ، نسأل الله العافية لك
ولنساء المسلمين .
والله أعلم .