تزوج محرمة عليه بالرضاع وله منها أولاد فهل ينسبون إليه ؟ وهل يرثوه ؟
رجل تزوج من امرأة هي عمته في الرضاعة أبوه رضع من أم زوجته, وبعد علمهما بالأمر استصغراه ، ولم يعيراه اهتماما ، ولم يستفتيا أهل العلم والمشورة , توفي هذا الرجل وترك أبناءً وميراثا ، فهل يرثه أبناؤه ؟ ، أم إن الزواج باطل أصلا ؟
الجواب
الحمد لله.
إذا تحقق كون هذه الزوجة عمة لزوجها في الرضاع ، بأن كان والده قد رضع من أمها ،
كما ورد في السؤال ، وكان هذا الرضاع : خمس رضعات ، في مدة الحولين ، فليس لابنه أن
يتزوج من هذه المرأة ،لأنها صارت عمته من الرضاعة .
فإن حصل الزواج وجب فسخه ، وحرم الاستمرار فيه ، فإن بقي الزوجان على نكاحهما مع
علمهما بالتحريم ، فقد ارتكبا إثما عظيما ، وكانا على غير نكاح ، ولم ينسب إلى
الزوج ما جاء من أولاد عند الجمهور ؛ لأن هذا من النكاح المجمع على بطلانه ، وذهب
بعضهم إلى ثبوت النسب ؛ لأن عقد النكاح شبهة .
وأما النكاح المختلف فيه ، كالنكاح بلا ولي ، فإن النسب يثبت فيه .
وفي "الموسوعة الفقهية" (8/ 123) : " اتفق الفقهاء على وجوب العدة وثبوت النسب
بالوطء في النكاح المختلف فيه بين المذاهب , كالنكاح بدون شهود , أو بدون ولي ,
وكنكاح المحرم بالحج , ونكاح الشغار ، ويزيد الحنابلة ثبوتهما بالخلوة ; لأنه ينفذ
بحكم الحاكم ، أشبهَ الصحيح ، ويتفقون كذلك على وجوب العدة وثبوت النسب في النكاح
المجمع على فساده بالوطء ، كنكاح المعتدة , وزوجة الغير ، والمحارم ، إذا كانت هناك
شبهة تسقط الحد , بأن كان لا يعلم بالحرمة ; ولأن الأصل عند الفقهاء : أن كل نكاح
يدرأ فيه الحد ، فالولد لاحق بالواطئ .
أما إذا لم تكن هناك شبهة تسقط الحد , بأن كان عالما بالحرمة , فلا يلحق به الولد
عند الجمهور , وكذلك عند بعض مشايخ الحنفية ; لأنه حيث وجب الحد فلا يثبت النسب .
وعند أبي حنيفة وبعض مشايخ الحنفية يثبت النسب لأن العقد شبهة .
وروي عن أبي يوسف ومحمد أن الشبهة تنتفي إذا كان النكاح مجمعا على تحريمه ،
والمنكوحة محرمة على التأبيد , كالأم والأخت , وعلى ذلك فلا يثبت النسب عندهما في
المحرمة على التأبيد , فقد ذكر الخير الرملي في باب المهر عن العيني ومجمع الفتاوى
أنه يثبت النسب عند أبي حنيفة خلافا لهما , إلا أنه روي عن محمد أنه قال : سقوط
الحد عنه لشبهة حكمية ، فيثبت النسب " انتهى .
والمرجع في هذه المسألة للقضاء عندكم ، لإثبات الرضاع أولا ، ثم للفصل في قضية
النسب ، وما يتبعه من الإرث .
والله أعلم .