استحدثت الدولة الجزائرية قروض تيسيرية عن طريق البنوك من أجل الحصول على مسكن ، والواقع أنّ هذه القروض تمنح بمعدّل فائدة 1% لمدّة تصل حتّى 35 سنة.
وهناك عندنا من أهل العلم من يتكلّم بجواز الاقتراض باعتبار أنّ الغرض من هذه القروض هو التيسير ، ثمّ إنّ العبرة في المعاملات ليس بالمصطلحات وإنّما بالمقاصد ، وأنّ هذه البنوك تمنح مثل هذه القروض في العادة بمعدّل فائدة من 5% إلى7% ؛ وإذا ما قارنّا 1% بالنسب الأخيرة بجعلنا نستطيع قراءتها على أساس أنّها عمولة يأخذها البنك ، وهذا ما أكّده له شخص سأله يعمل في البنك .
وبالنظر إلى كيفية استعمال 1% في الحساب فإنّه يحسب على الرأسمال المتبقّي وهي طريقة حساب الفوائد الربوية ، الأمر الذي أكّده لي عامل آخر في البنك سألته شخصيا.
فبالنظر إلى التيسير، لا أخفيك يا شيخ أنّه قرض ميسّر بالنظر إلى قيمة الدفعات ، وإلى مدة القرض ، وإلى قيمة القرض الممنوحة أيضا ؛ وخاصة إذا ما قارنّاه بطريقة التمويل الذي يمنحها بنك خاص يقول إنّه مرابحة ، أو عقد التأجير المنتهي بالتمليك -تمويل إسلامي-خلال 20 سنة بدفعات أكبر.
وثمّة مسألة أخرى ، هي أنّ البنوك الممولة كلها تطلب تأمينا على الحياة ، وزاد البنك الذي اقترح التمويل الإسلامي"التأجير المنتهي بالتمليك" تأمينا شاملا للبيت .
والسؤال :
هل يجوز الاقتراض من أحد البنكين ، الأول بسبب معدّل 1% ، والتأمين على الحياة ، والثاني"تمويل إسلامي" بسبب التأمين على الحياة وعلى المسكن .
الحمد لله.
أولا :
يحرم الاقتراض بالربا مهما كانت الفائدة المأخوذة ، ومن الخطأ اعتبار هذه الفائدة
رسوما أو عمولة ؛ لأن شأن الرسوم أن تكون مقطوعة لا تزيد بزيادة المبلغ المقترض .
وقد جاء في الربا من الوعيد ما هو معروف مشهور .
ومن شؤم الربا أن بعض الدول تصر عليه مع فائدة قليلة جدا كالتي ذكرت .
ثانيا :
عقود التأجير المنتهي بالتمليك ، منها الجائز ومنها المحرم . وفي حال اشتراط تأمين
على السلعة يلزم أن يكون تأمينا تعاونيا مباحا ، وأن يتحمّله المالك لا المستأجر ،
سواء كان التأمين شاملا أو جزئيا ؛ لأن ضمان العين المؤجرة على المالك ، لا على
المستأجر ، ولا يضمن المستأجر إلا إذا فرط أو تعدى .
ويجوز أن يراعى قدر التأمين عند تحديد الأجرة .
وهذا ما نص عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، وسبق نقله في جواب السؤال رقم (97625)
وفيه : " إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونيا
إسلاميا لا تجاريا ، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر " انتهى .
فإذا شرط المؤجر على المستأجر التأمين ، فالشرط فاسد ، وهو كاشتراط الضمان عليه من
حيث المعنى ، وهل يفسد العقد بذلك أو لا ؟
قال في "المغني" (5/ 311) :
" فإن شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين , فالشرط فاسد ; لأنه ينافي مقتضى العقد
، وهل تفسد الإجارة به ؟ فيه وجهان , بناء على الشروط الفاسدة في البيع ، قال أحمد
, فيما إذا شرط ضمان العين : الكراء والضمان مكروه ، وروى الأثرم , بإسناده , عن
ابن عمر , قال : " لا يصلح الكراء بالضمان " ، وعن فقهاء المدينة أنهم كانوا يقولون
: لا نكتري بضمان , إلا أنه من شرط على كري أنه لا ينزل متاعه بطن واد , أو لا يسير
به ليلا , مع أشباه هذه الشروط , فتعدى ذلك , فتلف شيء مما حمل في ذلك التعدي , فهو
ضامن , فأما غير ذلك , فلا يصح شرط الضمان فيه , وإن شرطه لم يصح الشرط " انتهى .
وقال في "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/514) : " إذا شرط الضمان على المستأجر في
حال تعيب أو هلاك المأجور بلا تعد ولا تقصير ، أو شرط رد المأجور إلى المؤجر بلا
عيب تكون الإجارة فاسدة " انتهى .
وصرح المالكية أيضا بفساد الإجارة عند اشتراط الضمان على المستأجر . ينظر : "
المدونة "(3/450)، " بلغة السالك "(4/42).
وأما التأمين على الحياة فالأصل فيه المنع . ولو فرض وجود تأمين تعاوني على الحياة
فإنه لا يجوز إلزام المستأجر به .
والله أعلم .