الحمد لله.
يلزم لصحة هذه العملية أن يقوم بيت التمويل بقبض السلعة وحيازتها ، قبل بيعها على
العميل .
والأصل في ذلك : عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : ( إذا اشتريت
مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه ) رواه أحمد(15399) والنسائي ( 4613) وصححه الألباني في "
صحيح الجامع " برقم (342) .
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت : " أن النبي صلى الله عليه نهى
أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " والحديث حسنه الألباني في
" صحيح أبي داود ".
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ابتاع طعاما
فلا يبعه حتى يستوفيه ) البخاري (2132) ، ومسلم (1525) ، وزاد : قال ابن عباس : "
وأحسب كل شيء مثله " أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك .
وقبض كل شيء بحسبه ، فقبض السيارة : أن تنقل من محلها ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : ( وما ينقل : مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها
؛ لأن هذا هو العرف ) انتهى من الشرح الممتع (8 /381).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/ 153) : " إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة
معينة أو موصوفة بوصف يضبطها ، ووعده أن يشتريها منه ، فاشتراها مَن طلبت منه ،
وقبضها ، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك ، نقدا أو أقساطا مؤجلة ، بربح
معلوم ، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده ؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها
على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها ، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن
يشتريها ، أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها ؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع
السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " انتهى .
ومما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المرابحة : " أن بيع المرابحة للآمر
بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور ، وحصول القبض المطلوب شرعاً ،
هو بيع جائز ، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم ، وتبعة الرد
بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم ، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه
" انتهى من مجلة المجمع (ع 5، ج2 ص 753و965) .
وجاء في "المعايير الشرعية" ص 112 : " قبض المؤسسة السلعة قبل بيعها مرابحة للآمر
بالشراء:
3/2/1 ... يجب التحقق من قبض المؤسسة للسلعة قبضاً حقيقياً أو حكمياً قبل بيعها
لعميلها بالمرابحة للآمر بالشراء.
3/2/2 ... الغرض من اشتراط قبض السلعة هو تحمل المؤسسة تبعة هلاكها، وذلك يعني أن
تخرج السلعة من ذمة البائع وتدخل في ذمة المؤسسة ، ويجب أن تتضح نقطة الفصل التي
ينتقل فيها ضمان السلعة من المؤسسة إلى العميل المشتري ، وذلك من خلال مراحل انتقال
السلعة من طرف لآخر.
3/2/3 ... إن كيفية قبض الأشياء تختلف بحسب حالها ، واختلاف الأعراف فيما يكون قبضا
لها، فكما يكون القبض حسيا في حالة الأخذ باليد أو النقل أو التحويل إلى حوزة
القابض أو وكيله ، يتحقق أيضا اعتبارا وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف ، ولو
لم يوجد القبض حسا. فقبض العقار يكون بالتخلية وتمكين اليد من التصرف ، فإن لم
يتمكن المشتري من المبيع فلا تعتبر التخلية قبضا، أما المنقول فقبضه بحسب طبيعته "
انتهى .
وحاصل ما تقدم : أن البائع في المرابحة : يلزمه قبل بيع السلعة على العميل أمران :
الأول : أن يتملك السلعة لنفسه .
الثاني : أن يقبضها القبض المعتبر شرعا .
فلا يجوز له أن يبيع السلعة على العميل قبل قبضها ، ثم يعطي العميل إذنا في
استلامها من بائعها الأصلي .
ولعل بيت التمويل الكويتي يقوم بعزل السلعة في مخازن البائع الأصلي ، بحيث تكون
مضمونة على بيت التمويل ، ثم يعطي العميل الإذن في استلامها ، وهذا لا حرج فيه إن
شاء الله .
وفي اشتراط القبض في هذه المسألة خلاف قديم ومعاصر ، فمن أهل العلم من لا يشترط
القبض ، إذا لم تكن السلعة طعاما ، وبهذا تأخذ بعض المصارف والبنوك الإسلامية ، لكن
القول الراجح المفتى به في الموقع هو اشتراطه في جميع السلع .
وننبه على أنه إذا أراد
العميل التورق ، فيشترط له أن يبيع السلعة على طرف ثالث لا علاقة له ببيت التمويل ،
ولا بالبائع الأصلي ، فإن باعها على بيت التمويل ، فهي العينة المحرمة ، وإن باعها
على البائع الأصلي ، فهذه حيلة على الربا .
والله أعلم .