الحمد لله.
وسئل أيضا رحمه الله : " هل عبادة الإنسان لصفة من صفات الله يعد من الشرك وكذلك دعاؤها؟
فأجاب بقوله : عبادة الإنسان لصفة من صفات الله ، أو دعاؤه لصفة من صفات الله من الشرك ، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - لأن الصفة غير الموصوف بلا شك وإن كانت هي وصفه ، وقد تكون لازمة وغير لازمة ، لكن هي بلا شك غير الموصوف فقوة الإنسان غير الإنسان وعزة الإنسان غير الإنسان ، وكلام الإنسان غير الإنسان، كذلك قدرة الله - عز وجل - ليست هي الله بل هي صفة من صفاته فلو تعبد الإنسان لصفة من صفات الله لم يكن متعبدًا لله ؛ وإنما تعبد لهذه الصفة لا لله - عز وجل - والإنسان إنما يتعبد لله - عز وجل - قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
والله عز وجل موصوف بجميع صفاته ، فإذا عبدت صفة من صفاته لم تكن عبدت الله عز وجل لأن الله موصوف بجميع الصفات .
وكذلك دعاء الصفة من الشرك مثل أن تقول : يا مغفرة الله اغفري لي يا عزة الله أعزيني ، ونحو ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/ 164).
لكن نبه الشيخ رحمه الله على أن بعض العامة يريدون بقولهم : يا رحمة الله : الطلب من الله لا من الرحمة .
سئل رحمه الله عقب السؤال السابق : " هل قول الإنسان : "يا رحمة الله " يدخل في دعاء الصفة الممنوع؟
فأجاب : إذا كان مراد الداعي بقوله : "يا رحمة الله" الاستغاثة برحمة الله - تعالى - يعني أنه لا يدعو نفس الرحمة ولكنه يدعو الله - سبحانه وتعالى - أن يعمه برحمته كان هذا جائزًا ، وهذا هو الظاهر من مراده ، فلو سألت القائل هل أنت تريد أن تدعو الرحمة نفسها أو تريد أن تدعو الله - عز وجل - ليجلب لك الرحمة؟ لقال : هذا هو مرادي.
أما إن كان مراده دعاء الرحمة نفسها فقد سبق جوابه ضمن جواب السؤال السابق " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/ 164).
لكن ينبغي تعليم هؤلاء العوام وتنبيههم ، ودلالتهم على الألفاظ الصحيحة التي لا تحتمل الباطل ، كأن يقولوا : يا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين .
ثانيا :
قد يشكل على البعض ما جاء في النصوص من الاستعاذة بكلمات الله التامات ، وبرضاه من سخطه ، ونحو ذلك ، والجواب أن هذا من الاستعاذة بالله مع التوسل إليه بهذه الصفات .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله : " قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "برحمتك أستغيث" هذا من قبيل التوسل لا من قبيل دعاء الصفة، مثل: أسألك يا الله برحمتك، وفي دعاء الاستخارة: "أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك". صحيح البخاري (1166)، ومثل الاستعاذة بالصفة، قوله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك". صحيح مسلم (486). وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أعوذ بكلمات الله التامات". صحيح مسلم (2708).
كل هذا من نوع التوسل إلى الله بصفاته ، وهو من التوسل المشروع ، وأما دعاء الصفة فلم يرد في الأدعية المأثورة ، ولا يمكن أن يكون مشروعاً؛ لأن دعاء الصفة كقولك: يا رحمة الله ، يا عزة الله ، يا قوة الله ، تقتضي أن الصفة شيء مستقل منفصل عن الله يسمع ويجيب ، فمن اعتقد ذلك فهو كافر، بل صفات الله قائمة به ، وليس شيء منها إله يدعى ، بل الله بصفاته إله واحد ، وهو المدعو والمرجو والمعبود وحده لا إله إلا هو ، والله أعلم " انتهى من " فتاوى الإسلام اليوم ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وأما ما جاء في الأحاديث التي ذكرها شارح الطحاوية مثل : أعوذ بعزتك أعوذ بعظمتك ، أعوذ برضاك ، أعوذ بكلمات الله التامة فحقيقته أنه استعاذة بالله متوسلًا إليه بهذه الصفات المقتضية للعياذ " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/ 165).
والله أعلم .