الحمد لله.
أولا :
التشاؤم والتطير مذموم في الشريعة ، وهو ضعف الثقة بالله ، والتوكل عليه ، والإيمان
بقدره وتدبيره وتصريفه .
وأما ما رواه البخاري (5094) ومسلم (2225) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : "ذَكَرُوا
الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي
الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ ) .
فليُعلَمْ أنه ليس شيء من النساء أو الدور أو الدواب تضر أو تنفع إلا بإذن الله ،
فهو سبحانه خالق الخير والشر ، ولكن قد يبتلي العبد بامرأة سيئة الخلق ، أو دار
يكثر فيها العطب ، فيشرع للعبد التخلص من ذلك ، فرارا من قدر الله إلى قدر الله ،
وحذرا من الوقوع في التشاؤم المذموم .
ولم ينسب النبي صلى الله عليه وسلم الطيرة والشؤم إلى شيء من الأشياء على سبيل أنه
سبب مؤثر بذاته ، دون تقدير الله تعالى .
فلا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها ؛ لأن ذلك من الشرك ؛ لعموم
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ) رواه أبو داود
(3910) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
راجع جواب السؤال رقم : (27192)
.
ثانيا :
القول بأن الزوجة إما أن تكون مصدر حظ حسن أو مصدر حظ سيء لزوجها : إن كان هذا من
واقع النظر إلى عملها ومعاشرتها زوجها ، فنعم : من كانت صالحة تتقي الله وتطيع
الزوج وتؤدي الذي عليها فهي فأل حسن ، وفاتحة خير وبركة على زوجها وأهل بيتها ؛ كما
روى مسلم (1467) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ
الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) .
ومن كانت عاصية لربها ، خارجة عن طوع زوجها ، ناشزة عليه ، كافرة لنعمته : فذلك شؤم
المرأة حقيقة ؛ فاليُمْن ، والشؤم إنما هو بأعمال العباد ، وأخلاقهم ، ليس بذواتهم
، ولا أشكالهم ، ولا صورهم ، كما قال تعالى عن الْقَرْيَةِ الَّتِي جَاءَهَا
الْمُرْسَلُونَ ، فِي قَوْلِهِ: ( قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ
تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) ؛ وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ شُؤْمَهُمْ مِنْ قِبَلِ
كُفْرِهِمْ ، وَمَعَاصِيهِمْ، لَا مِنْ قِبَلِ الرُّسُلِ؛ قَالَ فِي الْأَعْرَافِ
: ( أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) ... وَقَالَ فِي يس : ( قَالُوا
طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ) .
ينظر : " أضواء البيان " ، للشنقيطي رحمه الله (2/39) .
وحينئذ يقال لمن أرادت
لنفسها ولزوجها ولذريتها الحياة الطيبة في الدنيا ، والسعادة الدائمة في الآخرة
فعليها بتقوى الله في السر والعلن ، بأداء ما افترض الله عليها ، وترك ما نهاها
الله عنه ، ثم بطاعة زوجها ، وحسن معاشرته ، وعدم مخالفته في المعروف ، وعدم تكليفه
فوق ما يطيق ، بل لا تطلب منه كل ما يطيق ؛ بل المرأة العاقلة تدع شيئا من ذلك ،
ولا تأتي معه على كل ؛ ثم توطن نفسها على الصبر والاحتمال ، إذا حصل نوع من خلاف ،
أو منازعة ، أو تقصير .
ثم بالحرص على تنشئة أولادها التنشئة الصالحة بتربيتهم على تعاليم الإسلام وأخلاقه
وآدابه ، وتربيتهم على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وذلك كله ، معلق بقدرة العبد ، ووسعه ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، ومن اتقى
الله فيما قدر عليه ، كفاه الله مؤنة ما عجز عنه ، بمنه وكرمه .
وقد قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل /97 .
وروى ابن حبان (4032) عن سعد
بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من السعادة
: المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح ، والمركب الهنيء ، وأربع من
الشقاوة : الجار السوء ، والمرأة السوء، والمسكن الضيق ، والمركب السوء ) صححه
الألباني في "الصحيحة" (282) .
راجعي لمعرفة المزيد جواب السؤال رقم (10680)
، (88353).
وراجعي لمعرفة طرق النجاح في الحياة جواب السؤال رقم : (22704)
.
والله تعالى أعلم .