الحمد لله.
قال ابن عبد البر : " وَفِي
هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَتْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الشَّرْطِ
الْمَذْكُورِ: لَا تُكْفَّرُ بِهِ تَبِعَاتُ الْآدَمِيِّينَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -
، وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ كَبِيرَةٍ
وَصَغِيرَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ خَطِيئَةً : صَغِيرَةً وَلَا
كَبِيرَةً ، إِلَّا الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ مِنْ حُقُوقِ بَنِي آدَمَ ".
انتهى من " الاستذكار" (5/100) .
وقال الإمام النووي : " فِيهِ هَذِهِ الْفَضِيلَة الْعَظِيمَة لِلْمُجَاهِدِ ,
وَهِيَ تَكْفِير خَطَايَاهُ كُلّهَا إِلَّا حُقُوق الْآدَمِيِّينَ , وَإِنَّمَا
يَكُون تَكْفِيرهَا بِهَذِهِ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة , وَهُوَ أَنْ يُقْتَل
صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْر مُدْبِر ...
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِلَّا الدَّيْن ) فَفِيهِ
تَنْبِيه عَلَى جَمِيع حُقُوق الْآدَمِيِّينَ , وَأَنَّ الْجِهَاد وَالشَّهَادَة
وَغَيْرهمَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ لَا يُكَفِّر حُقُوق الْآدَمِيِّينَ ,
وَإِنَّمَا يُكَفِّر حُقُوق اللَّه تَعَالَى". انتهى من "شرح صحيح مسلم" (13/29).
ثانياً :
وأما إذا كان تاركاً للصلاة بالكلية ، أو كان يصلي حينا ويترك حينا ؛ ثم تاب من ذلك
، وجاهد في سبيل الله حتى استشهد : فإن التوبة تهدم ما قبلها من الذنوب ، والتائب
من الذنب كمن لا ذنب له ؛ قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) .
وقال : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ).
ولعظم خطر ترك الصلاة ،
فالواجب على المسلم ، وخاصة من يتصدر للجهاد في سبيل الله أن يحافظ عليها ولا يفرط
بها في أي حال من الأحوال.
والله أعلم .