الحمد لله.
ثانياً:
الغالب أن مس فرج المريض قبلاً كان أو دبراً يحصل من وراء حائل ، فإذا كان كذلك ،
وكان المريض على طهارة : جاز له بعد الفحص أن يصلي ، لعدم وجود ما ينتقض به الوضوء
؛ لأن المس من وراء حائل لا يعد مساً.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ لَيْسَ دُونَهُ سِتْرٌ فَقَدْ وَجَبَ
عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ) رواه أحمد (8053) ، وقال محققو المسند حديث حسن .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " قال ابن السكن هذا الحديث من أجود ما روي في هذا
الباب " انتهى من الاستذكار(1/214) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ولا ينقض اللمس من وراء حائل وإن كان لشهوة ؛ لأن
اللمس لم يوجد ، ومجرد الشهوة لا تنقض الوضوء " انتهى من "شرح العمدة" (1/319) ،
وينظر: "دقائق أولي النهى" (1/73) .
ثالثا :
إن كان حصل المس للفرج بلا حائل ، فإن الصحيح من كلام العلماء عدم نقض وضوء الملموس
بدنه ، إلا إذا كان حصل معه شهوة.
جاء في " مطالب أولي النهى " : " ( ولا إن وجد ممسوس فرج ، أو ملموس ، بدون بشهوة )
يعني : لا ينتقض وضوء ممسوس فرجه ، وإن وجدت منه شهوة , ولا وضوء ملموس بدنه بشهوة
، وإن وجدت منه شهوة , بل يختص النقض بالماس واللامس لتناول النص لهما .
( ويتجه نقض ) وضوء ( كل ) من متلامسين ( لو تلامسا معاً ) لشهوة ؛ لأن كل واحد
منهما لامس وملموس ، وهو متجه " انتهى.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " وإذا قلنا بنقض وضوء اللامس ، فهل ينتقض وضوء
الملموس على روايتين ، فإذا قلنا ينقض ، اعتبرنا الشهوة ـ في المشهور ـ كما نعتبرها
في اللامس ، حتى ينتقض وضوؤه إذا وجدت الشهوة فيه دون اللامس ، ولا ينتقض إذا لم
توجد فيه ، وإن وجدت في اللامس.." انتهى من "شرح العمدة" (1/319) .
رابعا :
إذا أدخلت القابلة يدها ثم أخرجتها ، وقد عَلقَ بها أثر من دمٍ أو كدرةٍ أو صفرة أو
رطوبة أو غير ذلك ، انتقض وضوء المريضة ؛ لوجود الحدث ؛ قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ) رواه
البخاري (135) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في قوله : " أحدث " أي وجد منه الحدث ، والمراد به
الخارج من أحد السبيلين " انتهى من "فتح الباري" (1/235) .
وقال النووي رحمه الله : " الخارج من قُبُلِ الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء
, سواء كان غائطا أو بولاً أو ريحاً أو دوداً أو قيحاً أو دماً أو حصاة أو غير ذلك
... نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم , واتفق عليه الأصحاب " انتهى من " المجموع
"(2/4).
وقال الحجاوي رحمه الله في "
زاد المستقنع " ( ينقض ما خرج من سبيل ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
قوله: " ما خرج من سبيل "، ما: اسم موصول بمعنى الذي ، وهو للعموم، وكل أسماء
الموصولات للعموم ..
و" من سبيل " مطلق يتناول القبل، والدبر..
وقوله: " ما خرج " عام يشمل المعتاد وغير المعتاد ؛ ويشمل الطاهر والنجس..
وتنقض الحصاة إذا خرجت من القبل ، أو الدبر؛ لأنه قد يصاب بحصوة في الكلى ، ثم تنزل
حتى تخرج من ذكره بدون بول .
ولو ابتلع خرزة ، فخرجت من دبره ، فإنه ينتقض وضوءه لدخوله في قوله: " ينقض ما خرج
من سبيل " انتهى من " الشرح الممتع "(1/270) .
والحاصل: أن مجرد مس الطبيب
أو القابلة لفرج المريض ، قبلاً كان أو دبراً ، لا ينقض الوضوء إلا في حالتين :
الأولى: أن يخرج مع يدها شيء من المريضة ، من بول أو دم أو غير ذلك .
والحال الثانية : أن يكون المس من غير حائل ، ويحصل معه شهوة .
والله أعلم .