الحمد لله.
أولا :
لا حرج في بيع أجهزة قياس نسبة الكحول في جسم الإنسان ، سواء كان ذلك في بلاد
المسلمين أم في بلاد غير المسلمين ، وسواء كان المشتري مسلما أم غير مسلم ، وذلك
لأن الأصل في الأشياء الإباحة ، كما قال تعالى: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ )
البقرة/275.
ثم إن جهاز قياس نسبة الكحول لا يعين على شرب الخمر ، وليس سبباً مباشراً ولا غير
مباشر لهذه المعصية ، والنصوص النبوية إنما حرمت في الخمر كل ما يعين على شربها
وتصنيعها وتوصيلها إلى متعاطيها ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ
اللَّهُ الْخَمْرَ ، وَشَارِبَهَا ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَمُبْتَاعَهَا
، وَعَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ )
رواه أبو داود في " السنن " (3674) وصححه الألباني .
فلما لم يكن هذا الجهاز واحدا من تلك الصور ، ولا في معنى شيء منها بقي على أصل
الإباحة.
حتى لو استعمله السائق الذي شرب الخمر ، فاستعماله له لم يكن سبباً ولا معيناً له
على شربه ، كما أن عدم شرائه له لن يكون رادعا عن الشرب ، وإنما سيكون الجهاز سببا
لرقابته على نفسه ، فلا يزيد إلى منكر الشرب منكرا آخر بقيادة السيارة على تلك
الحال التي تؤدي إلى إحداث الضرر والأذى في الأرواح والممتلكات .
وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك عن بيع هذه الأجهزة ، فقال : " الذي يظهر أنه
يؤدي إلى مصلحة ، فيجوز ".
ثانيا :
يمكن أن يقال إنه من المشروع تصنيع وبيع مثل هذه الأجهزة ، التي تحمي المجتمعات من
تعدي ضرر أولئك العصاة في حوادث السير وغيرها ، كما يمكن أن يستعمل هذا الجهاز لدى
جهات الحسبة ليسهل ردع الشاربين فلا يقعوا في جرائم أخرى تحت تأثير السكر والثمل ،
فاستعمال الجهاز غالبا ما يكون في مصلحة المجتمع ، ولا نرى له ضررا أو موجبا
للتحريم .
ثالثاً :
أما بيع الجهاز في أماكن شرب الخمور ، فلا نرى للمسلم اقتحام أماكن الفجور والمعصية
تلك ، كي لا تكون فتنة له ، ولا يُكتب عند الله تعالى في عداد المقرين الساكتين عن
المنكر ، الراضين بمعصية الله في الأرض ، إلا أن يدخل ناصحا مذكِّرًا من غير إحداث
فتنة ولا جلب مفسدة أكبر.
والله أعلم .