الحمد لله.
وفي حال قررتم أن تزور ابنتكم جدتها ، فينبغي أن يكون ذلك بمحضر منك أو من زوجك ، حتى تكونوا آمنين من أي لون من ألوان التأثير على ابنتكم ، وإبعادها عن المكان إذا حصل فيه ضرر أو أذى عليها ، كأن تكون الجدة تدخن بالقرب منها ، أو نحو ذلك .
وجميع ذلك لا يعني - في الوقت نفسه – قطيعة تلك المرأة ، من قبلكم أنتم ، قطيعة تامة ، بل ننصح بالاستمرار في التواصل معها والإحسان إليها ، فالمسلم داعية في جميع أحواله ، ولا ييأس من هداية أحد من البشر ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ : " يَا رَسُولَ اللهِ ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي ، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ ، فَقَالَ : ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم (2558) .
وأيضا فإن الأحفاد مطالبون ببر أجدادهم على وجه العموم ، وإن كان الوالدان أولى وأجدر بذلك ؛ لكن لا ينبغي قطيعة الأجداد أيضا ولو كانا كافرين ، بل لهما حق البر والصلة بقدر قرابتهما . لعموم قول الله عز وجل : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/15.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" الجد والجدة لهما بر ، لكنه لا يساوي بر الأم والأب ؛ لأن الجد والجدة لم يحصل
لهما ما حصل للأم والأب من التعب والرعاية والملاحظة ، فكان برهما واجباً من باب
الصلة ، أما البر فإنه للأم والأب " انتهى من " مكارم الأخلاق " (ص/40) .
والله أعلم .