كيف ينصح والده الذي يتصفح مواقع إباحية ؟
أنا شاب عمري 16 ، قبل شهر قمنا بتوصيل الانترنت وكان أبي يتصفح الفيسبوك ، ومواقع معلومات ، لكن بعد حوالي أسبوعين شاهدة المحفوظات للمتصفح ، فرأيت مواقعا إباحية محرمة يشاهدها ، وأبي ملتزم بالصلاة والصيام وإيمانه قوي .
ويمنعني الحياء من التحدث مع أبي في هذا الموضوع فماذا أفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
الابن الفاضل :
بارك الله فيك ، وأصلحك ، وكتب أجرك !!
جرت العادة أن يرسل الأب للاستشارة في أمر ابنه الذي غرق في سراديب النت المجهولة
المحفوفة بالأخطار ، لكن يأبى الله إلا أن يجعل في أمة نبيه ناصحين أمناء من النشأ
الصغير ، قبل الكبير.
لتعلم يا بني ، أن الله قد خلق هذه النفس البشرية ضعيفة متقلبة بين الخير والشر ،
وبين المعصية والطاعة ، ولولا أننا نخطئ ، ونتوب ، ونستغفر لكان حري بنا أن تصافحنا
الملائكة في فرشنا وفي الطرقات ؛ كما قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا
تَكُونُونَ عِنْدِي ، وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى
فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ
مَرَّاتٍ ) رواه مسلم (2750).
لكن شاء الله للإنسان أن يبتلى ، وأن يصطدم بالشهوات ، وبالضعف أمامها ، فإن وفقه
الله : تجاوزها ومنع نفسه من السقوط فيها ، وإن مُنع التوفيق : غرق فيها ، ثم بعد
سقوطه ، لو جاهد نفسه ، واستغاث ربه أن يهديه للتوبة ، وجد الله توابا رحيما .
الابن الكريم ؛
إنما أبوك إنسان ، يعتريه ما يعتري البشر من ضعف ، ومن حب استطلاع ، قد لا يصل إلى
الإدمان أحيانا ، لكن لا يمنع أن يكون سقوطا في معصية نكراء ، فإياك أن يحملك ما
رأيت من سوأة أبيك ، أو نقصه وزللـه ، على أن تنتقص أباك ، أو أن تزدريه ، أو تسقطه
من عينك ، أو تعتدي على مقام الأب ، الذي له على ابنه كل البر ، والتوقير والاحترام
!!
فقط ، لتكن رحمتك به ، رحمة الشفيق بالشفيق ، رحمة الطبيب الرحيم ، بالمريض ؛ لا
يريد أن يقتله ، ولا أن يتخلص منه ؛ فقط يريد له العلاج ، وأن ينتشله من مرضه ،
ويريحه من ألمه .
انظر إليه يا بني بعين المشفق الرحيم ، الذي يعلم أن الطاعة إنما هي توفيق من الله
، وأن الله إن كان قد عصمك دون غيرك : فتلك منة وفضل منه سبحانه ، وليس استحقاقا
منك ذلك.
واعلم يا بني حفظك الله ، أن أباك في سن سيجعله يعرف خطأه ، ويتراجع عنه بإذن الله
، وأن بذرة الإيمان التي في قلبه ، والتي شهدت له بها أنت ، كفيلة بإثنائه عما تلبس
به ، إن شاء الله .
لا نرى لك أن تواجهه بما رأيت ، ولا أن تصرح له بذلك ؛ لكن : لا بأس بإشارة ،
وتلميح بعيد ، يتفطن إلى مثله .
ومن المناسب أن تبحث له عن بعض الموضوعات في الشبكة التي تتحدث عن آفات النت ، وعن
هذه الآفة تحديدا ، وتجمع بعض المقاطع الصوتية والمرئية ، وبعض الفتاوى المتعلقة
بذلك ، وضعها في المفضلة ، أو في مكان تعلم أنه سيفتحه غالبا ، ويطلع على ما فيه .
إذا لم يجد ذلك شيئا ، وبقي والدك على ذلك ، فتحيل على قطع النت عن البيت ، ولو
لفترة ما ، حتى يكف عن ذلك .
واسأل يا بني لك ولأبيك التوبة النصوح والعافية والمعافاة ، وألح على ربك في سجودك
بهدايته وهدايتك ، وتوفيقكما والمسلمين لما يحبه ويرضاه.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن لا يزيغ قلبك بعد أن هداك للإيمان , وأن يكره
إليك الكفر والفسوق والعصيان .
والله أعلم .