الحمد لله.
أولا :
اتفق أهل العلم على أن ملكية التركة تنتقل للورثة بمجرد موت المورث ؛ جاء في
"الموسوعة الفقهية" (24 /76) : " اتَّفَق الفُقهَاء عَلَى أَنَّ التَّرِكَةَ
تَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا دُيُونٌ مِنْ حِينِ
وَفَاةِ الْمَيِّتِ " انتهى .
ثانيا :
إذا مات الرجل وخلف زوجة وأربعة أبناء وبنتين ولم يترك وارثا غيرهم ، فإن لزوجته
الثمن فرضا ؛ لوجود الفرع الوارث ، قال الله تعالى: ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ
فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ
دَيْنٍ ) النساء / 12 .
والباقي للأبناء والبنتين تعصيبا ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، لقول الله تعالى: (
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )
النساء / 11 .
ثالثا :
إذا تراضى الورثة على قسمةٍ ما فيما بينهم واتفقوا عليها فلا حرج في ذلك ، وتسمى
قسمة التراضي ، وإن اختلفوا فسبيلهم المحاكم الشرعية .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
كيف تقسم الدور والمنقولات الموروثة ؟ كالسيارات وآلة الحرفة ونحوهما عند التراضي
وعند عدم التراضي بين الورثة ، وكيف يقسم محل للبيع مؤجر ( أي : الميت كان يستأجره
من آخر ) إذا قلنا بتوريث عقد الإيجار ، هذا مع العلم أن الورثة لا يمكنهم الانتفاع
بهذه الأمور على المشاع فيما بينهم .
فأجابوا : " تقسم بينهم حسب الميراث الشرعي بواسطة أهل الخبرة بالتقويم ، وإن
تراضوا بينهم في القسمة وهم راشدون فلا بأس ، وإن تنازعوا فمرد النزاع المحكمة
الشرعية " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (16 /459) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (33 /215) :
" قَدْ يَرْغَبُ الشُّرَكَاء جَمِيعًا فِي قِسْمَةِ الْمَال الْمُشْتَرَكِ ، أَوْ
يَرْغَبُ بَعْضُهُمْ وَيُوَافِقُ الْبَاقُونَ عَلَى أَصْل الْقِسْمَةِ وَعَلَى
كَيْفِيَّةِ تَنْفِيذِهَا ، فَلاَ تَكُونُ بِهِمْ حَاجَةٌ إِلَى اللُّجُوءِ إِلَى
الْقَضَاءِ ، وَتُسَمَّى الْقِسْمَةُ حِينَئِذٍ قِسْمَةَ تَرَاضٍ .
وَقَدْ يَرْغَبُ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ ، وَيَأْبَى غَيْرُهُ ، فَإِذَا لَجَأَ
الرَّاغِبُ إِلَى الْقَضَاءِ ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَوَلَّى قِسْمَةَ الْمَال
وَفْقَ الأْصُول الْمُقَرَّرَةِ شَرْعًا ، وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ حِينَئِذٍ
قِسْمَةَ إِجْبَارٍ .
فَقِسْمَةُ التَّرَاضِي : هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِاتِّفَاقِ الشُّرَكَاءِ .
وَقِسْمَةُ الإْجْبَارِ : هِيَ الَّتِي تَكُونُ بِوَاسِطَةِ الْقَضَاءِ ، لِعَدَمِ
اتِّفَاقِ الشُّرَكَاءِ " انتهى .
فعلى ما تقدم :
إذا تراضيتم على قسمة فيما بينكم فالحمد لله ، والأمر على ما تراضيتم عليه ، بأي
صورة كان .
وإذا اختلفتم فسبيلكم المحكمة الشرعية تفصل بينكم .
فإن لم توجد المحكمة الشرعية ، أو رفضتم تصعيد الأمر إلى المحاكم ، فإن البيت
يُقَوَّم على الحالة التي هو عليها الآن ، بكل طوابقه وتشطيباته ، ثم يُردّ إلى كل
واحد من الورثة ما أنفقه في البناء أو التشطيب ، أو يحسب له رصيدا زائدا على نصيبه
؛ فلا تحسب له قيمة الشقة التي هو فيها كاملة ، حتى ولو بناها على جهة الاستقلال ،
لأن قيمة الشقة يدخل فيها نصيبها من قيمة الأرض ، ولا يحسب له أيضا ما أنفقه ، كما
أنفقه ؛ لأن قيمة البناء الذي بناه ، أو التشطيب : غالبا ما تنخفض بالاستعمال ، وهو
قد أنفقه أصلا لمنفعته .
وما تبقى من قيمة المنزل ، يقسم بين الورثة جميعا ، على ما تقدم .
ومثل ذلك : ما أنفقته الأم في البناء أو التشطيب ، فإما أن يرد إلى ملكها ، تتصرف
فيه بما شاءت ، وإما أن يجعل في التركة ، فيقسم بين الجميع بحسب أنصبائهم .
وفي هذه الحالة إما أن يباع البيت ويأخذ كل واحد نصيبه من الميراث وما أنفقه في
البناء أو التشطيب ، وإما أن يبقى كل واحد في شقته التي بناها على أن يدفع ما يلزمه
دفعه للورثة الآخرين ، أو يكون دينا في ذمته لهم ، إن رضي صاحب الحق منهم بذلك .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (131901) .
والله تعالى أعلم .