الحمد لله.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ
رحمه الله :
" وَأَمَّا خُرُوجُهَا إِلَى حَرْبِ الْجَمَلِ فَمَا خَرَجَتْ لِحَرْبٍ ، وَلَكِنْ
تَعَلَّقَ النَّاسُ بِهَا ، وَشَكَوْا إِلَيْهَا مَا صَارُوا إِلَيْهِ مِنْ عَظِيمِ
الْفِتْنَةِ وَتَهَارُجِ النَّاسِ ، وَرَجَوْا بَرَكَتَهَا، وَطَمِعُوا فِي
الِاسْتِحْيَاءِ مِنْهَا إِذَا وَقَفَتْ إِلَى الْخَلْقِ ، وَظَنَّتْ هِيَ ذَلِكَ
فَخَرَجَتْ ؛ لقول الله تعالى : ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا
مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) النساء/
114 ، وَقَوْلِهِ : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما ) الحجرات/ 9 ، وَالْأَمْرُ بِالْإِصْلَاحِ مُخَاطَبٌ بِهِ
جَمِيعُ النَّاسِ مِنْ ذكر وأنثى ، حر أَوْ عَبْدٍ ، فَلَمْ يُرِدِ اللَّهُ
تَعَالَى بِسَابِقِ قَضَائِهِ وَنَافِذِ حُكْمِهِ أَنْ يَقَعَ إِصْلَاحٌ ، وَلَكِنْ
جَرَتْ مُطَاعَنَاتٌ وَجِرَاحَاتٌ حَتَّى كَادَ يَفْنَى الْفَرِيقَانِ ، فَعَمَدَ
بَعْضُهُمْ إِلَى الْجَمَلِ فَعَرْقَبَهُ ، فَلَمَّا سَقَطَ الْجَمَلُ لِجَنْبِهِ
أَدْرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ،
فَاحْتَمَلَهَا إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَخَرَجَتْ فِي ثَلَاثِينَ امْرَأَةً،
قَرَنَهُنَّ عَلِيٌّ بِهَا حَتَّى أَوْصَلُوهَا إِلَى الْمَدِينَةِ بَرَّةً
تَقِيَّةً ..." انتهى من "تفسير القرطبي" (14/ 181).
وقال ابن كثير رحمه الله في
وصف موقعة الجمل :
" ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، فجعلت تنادي: الله الله
! يا بني اذكروا يوم الحساب ، ورفعت يديها تدعو على أولئك النفر من قتلة عثمان ،
فضج الناس معها بالدعاء حتى بلغت الضجة إلى علي فقال : ما هذا ؟ فقالوا : أم
المؤمنين تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم .
فقال: اللهم العن قتلة عثمان " انتهى من "البداية والنهاية" (7 /270) .
وقد روى البخاري في "الأدب
المفرد" (828) عنها رضي الله عنها أنها قالت : " من سب ابن عفان فعليه لعنة الله "
.
وروى ابن عساكر في تاريخه (39/487) عنها رضي الله عنها أنها قالت : " غضبت لكم من
السوط ، ولا أغضب لعثمان من السيف ! استعتبتموه ، حتى إذا تركتموه كالقلب المصفى
قتلتموه ! " وله شواهد عند ابن عساكر (39/487-488) والطبري في تاريخه (3/82-83)
وابن خياط في تاريخه (ص39) .
كما أنها كانت تمدح عليا
وتصفه بالعلم ؛ وقد روى مسلم (276) عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : سَأَلْتُ
عَائِشَةَ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ؟ فَقَالَتْ : " ائْتِ عَلِيًّا
فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي " .
والخلاصة أن هذا الخبر باطل
مركّب موضوع ، لا تجوز روايته ، وأن عائشة رضي الله عنها ما خرجت يوم الجمل إلا
للإصلاح بين الناس ، ولم تشارك في مقتل عثمان رضي الله عنه ولا بشطر كلمة – ولا
عليّ - ، وإنما أنكرت ذلك ولم ترضه ، كما أنها لم ترد قتل علي رضي الله عنها ، ولا
دار ذلك بخلدها يوما ، وقد عصمها الله تعالى مما يدعيه الأفاكون .
راجع للأهمية إجابة الأسئلة : (954)
، (127028) ، (147974)
.
والله أعلم .