الحمد لله.
ثانياً :
إذا كان أمر ما محرما ، كالغناء ، أو التدخين ، أو مشاهدة الأفلام الهابطة ، أو نحو
ذلك : لم يجز العمل فيه ، أو الإعانة عليه بوجه من الوجوه : سواء كان بصنع الآلة
التي تستعمل فيه ، أو صيانتها ، أو بيعها ، أو نحو ذلك ؛ لما فيه من الإعانة على
المعصية وتشجيعها والرضا بها، وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) سورة المائدة/2 .
وقال الله تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا
يَزِرُونَ ) سورة النحل/25 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً
فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا
يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) رواه مسلم (1017) .
وينظر جواب السؤال رقم : (112902)
، ورقم : (134169)
، ورقم : (34597)
.
فالنصيحة لك أن تحرص على أن
يكون رزقك حلالاً طيباً ، وتبحث عن عمل آخر في مجال مباح ، لا يلزمك أن تعمل ، أو
تساعد على عمل محرم ، ومن ترك شيئاً له عوضه خيراً منه.
روى أحمد (19813) عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا : " أتينا على رجل من أهل البادية
فقلنا: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ؟ قال: نعم ، سمعته يقول : (
إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ
اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ ) .
قال الهيثمي رحمه الله : " رجاله رجال الصحيح " انتهى من "مجمع الزوائد ومنبع
الفوائد"(11/207) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله :
أنا أعمل في دار عرض للسينما ، وعملي هو تشغيل مكائن العرض ومراقبتها ، وأحيانا
تعرض بعض الأفلام الخليعة والهابطة ، ولذلك فأنا لست راضيا عن هذا العمل ، ولكني لم
أجد غيره ، مع أني أشعر أنني أتحمل إثما كبيرا بسببه ؛ فماذا ترون أنه يجب على ؟
وبماذا تنصحونني ؟ وما حكم الكسب السابق من هذا العمل؟
فأجاب رحمه الله :
" يجب عليك ألا تعمل في هذا العمل ، لتحريمه ، وفساده ، وإفساده ، والواجب عليك أن
تنفصل منه ، وأن تطلب الرزق من سواه ، والله عز وجل يقول : ( ومن يتق الله يجعل له
من أمره يسراً ) ، ويقول سبحانه وتعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ) ، ويقول
تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم
ويغفر لكم ذنوبكم ) ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، ورزق الله تعالى لا
يستجلب من معاصيه ، فعليك أن تنفصل من هذا العمل فوراً ، وأن تطلب الرزق فيما سواه
، وأبواب الرزق والحمد لله كثيرة ، أما ما كسبته من هذا المال المحرم فإن كنت جاهلا
حين دخلت فيه ، ولم تعلم أن ذلك حرام عليك : فإنه لا شيء عليك ، لأنك اكتسبته عن
جهل ، وليس فيه أكل مال لأحد ، ولكن إن تصدقت بما يقابل القيام على تشغيل الأفلام
المحرمة فهو أولى وأحسن والله أعلم " انتهى من فتاوى " نور على الدرب " .
وينظر جواب السؤال رقم : (106925)
.
والله أعلم .