الدلائل الشرعية وحدها هي الفرقان بين أهل الحق وأهل الباطل .
كنت في حوار مع إباضي ، فقال لي : إنه استخار بين المذهب الإباضي ومذهب أهل السنة والجماعة ، فاطمأن قلبه لمذهب الإباضية ، وقال لي أيضا : إن هناك شخصا إباضيا مات بحسن خاتمة ، ورآه البعض في المنام أنه في الجنة ، وقال : لو كان هذا الإباضي مبتدعا بدعة كفر ، كما تقولون ، لما وفّق لهذا .
فكيف أرد عليه ؟ وما هي الكتب التي انصحه به لقراءتها عن مذهب أهل السنة والجماعة ، وعن بطلان عقيدته ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الإباضية إحدى الفرق الضالة ، التي تخالف في منهجها واعتقاداتها مذهب أهل السنة ،
هذا مع اعتبار أن ما جاء في السؤال من أن بدعة الإباضية بدعة كفر ، فنحن لم نقل في
موقعنا قط إن الإباضية كفار ، لا على وجه العموم ، ولا على وجه التعيين .
وينظر لمعرفة المزيد عن هذه الفرقة إجابة السؤال رقم : (11529)
، والسؤال رقم : (40147)
.
ثانيا :
الاستخارة لا تشرع إلا في الأمر الذي يتردد فيه الإنسان ، والأمور الواجبة لا تحتمل
التردد والشك في فعلها لوجوب القيام بها ، فلا تشرع لها الاستخارة .
وهكذا لا تشرع الاستخارة في الأمور المستحبة ، لترجح جانب الفعل بأصل الشرع .
راجع إجابة السؤال رقم : (41709)
.
وعلى ذلك فلا يستخار في كل أمر طلب الشارع من المكلف فعله ، سواء كان الطلب جازما (
واجب ) ، أو غير جازم ( مستحب ) .
ثالثا :
أما ما ذكره من شأن حسن خاتمة ذلك الإباضي ، أو ما رآه في المنامات ؛ فكل هذا مما
لا تعويل عليه في تبين الحق من الباطل ، فكم ممن زعم أهله له المرائي الحسان ، ولم
يكن على خير ولا هدى ، بل لم يكن على دين الإسلام أصلا ، وإنما كان مدار الأمر على
كذب القائل ، أو الناقل ، أو بطلان التأويل الذي تأولوه لرؤياه ؛ فيقال في ذلك :
معرفة الحق لا يتوصل إليها عن طريق المنامات والأحلام ؛ لأن الله تعالى دلنا
بالبينات والهدى الذي جاءنا من عنده على تمييز الحق من الباطل ، ولم يردنا في معرفة
شيء من ذلك إلى : الإلهام ، أو المنام ، أو ... ، وإنما أمرنا أن نرد ما تنازعنا
فيه إلى الله ورسوله ، يعني : إلى كتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء/55 ؛ فكيف يبني
أمرا بذلك الخطر كله على : منام ، أو ظن ؟ ومن ضمن له سلامة هذا المنام من تلاعب
الشيطان به ، وإغوائه له ، وكم ممن ظن فيه أهله ومحبوه ومعظِّموه : أنه مات بخاتمة
حسنة ، وبأحسن حال ، ثم هو في شر حال عند الله ، والله أعلم بالخفيات .
رابعا :
ثم ، على فرض أن هذا العبد كان قد ختم له بالحسنى ، فما الذي أدراه أنه لم يتب قبل
موته من بدعته وضلالته ، وإنما الأعمال بالخواتيم ، فكم ممن تاب قبل موته ، وختم له
بخاتمة خير لأجل توبته ، لا لأجل ما كان يعمله من السيئات والبدع والضلالات ، فإنه
الشر لا يأتي بالخير ، ولا يجتنى العنب من أشجار الشوك : ( كما لا يُجتنى من الشوك
العنب ؛ كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار ، وهما طريقان ؛ فأيهما أخذتم أدركتم
إليه ) رواه ابن عساكر وغيره ، وصححه الألباني في " الصحيحة " .
هذا على
خامسا :
لمعرفة منهج واعتقاد أهل السنة والجماعة ، راجع :
" معارج القبول " لحافظ حكمي ، " العقيدة في ضوء الكتاب والسنة " للشيخ الدكتور عمر
سليمان الأشقر ، و " الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد " للشيخ صالح الفوزان ، و" منهج أهل
السنة والجماعة في العقيدة والعمل " للعثيمين ، و" الوجيز في عقيدة السلف " لعبد
الله بن عبد الحميد ، " وسطية أهل السنة بين الفرق " لمحمد باكريم .
وللتعريف بالإباضية وبزعيمهم عبد الله بن إباض ، راجع :
" مقالات الإسلاميين " (1/170 - 176) ، الفرق بين الفرق (ص 61 - 65) ، الفصل في
الملل والنحل (5/51) ، " الخطط " للمقريزي (2/355) ، " الإباضية في موكب التاريخ "
/علي يحيى معمر ، " فرق معاصرة " د. غالب بن علي عواجي (1/244-276) ، " موسوعة
الأديان والمذاهب المعاصرة " ( 1 / 63 ) ، " عقيدة أهل السنة في الصحابة " ناصر بن
علي (ص1153-1156) .
والله أعلم .