هل من الممكن أن يرتدى الرجل خاتما من الفضة يزيد على المثقال ؟
كنت دائما أرتدي خاتما من الفضة في أصبعي الصغير ، من اليد اليمني ، ولكن قرأت حديثا يقول بأن الرجال يمكن أن يرتدوا فقط خواتم من الفضة ، ولكن أقل من مثقال.
وسؤالي : إذا كانت الفضة في خاتمي أقل من مثقال ، لكن إذا أضيف إليه فص العقيق ، يكون أكثر من مثقال ، فهل هذا ممنوع أيضا ؟
الحمد لله.
أولا :
يجوز للرجل التختم بالفضة وغيرها من الأحجار الكريمة إلا الذهب ؛ فإن التختم به محرم على الرجال .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" اتخاذ الخواتم للرجال جائز إذا كانت من الفضة أو من الأحجار الكريمة غير الذهب " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 67)
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" لا يجوز للذكر المسلم أن يلبس خاتم الذهب، وأما الخاتم من غير الذهب من الفضة أو غيرها من أنواع المعادن : فيجوز للرجل أن يلبسه ، ولو كان من المعادن الثمينة " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (95 /7)
ثانيا :
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَزْنِ الْمُبَاحِ لِخَاتَمِ الرَّجُل:
فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : قَال الْحَصْكَفِيُّ: لاَ يَزِيدُ الرَّجُل خَاتَمَهُ عَلَى مِثْقَالٍ. وَرَجَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ قَوْل صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ بِهِ الْمِثْقَال .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ : يَجُوزُ لِلذَّكَرِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ إِنْ كَانَ وَزْنَ دِرْهَمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ أَوْ أَقَل، فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمَيْنِ حَرُمَ.
وَلَمْ يُحَدِّدِ الشَّافِعِيَّةُ وَزْنًا لِلْخَاتَمِ الْمُبَاحِ، قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الأْصْحَابُ لِمِقْدَارِ الْخَاتَمِ الْمُبَاحِ، وَلَعَلَّهُمُ اكْتَفَوْا فِيهِ بِالْعُرْفِ، أَيْ عُرْفِ الْبَلَدِ وَعَادَةِ أَمْثَالِهِ فِيهَا، فَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ إِسْرَافًا. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : لاَ بَأْسَ بِجَعْلِهِ مِثْقَالاً فَأَكْثَرَ؛ لأِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ، مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الْعَادَةِ، وَإِلاَّ حَرُمَ قَالُوا : لأِنَّ الأْصْل التَّحْرِيمُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ الْمُعْتَادُ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْل الصَّحَابَةِ.
انظر : "الموسوعة الفقهية" (11/ 27)
وقد روى أبو داود (4223) والترمذي (1785) والنسائي (5195) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ السُّلَمِيِّ الْمَرْوَزِيِّ أَبِي طَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ؟ فَطَرَحَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟ فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: ( اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ، وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا )
وهذا الحديث حجة من منع من التختم بما يبلغ المثقال أو يزيد عليه ، ولكن إسناده ضعيف ، عبد الله بن مسلم راويه عن ابن بريدة لا يحتج به ، قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويخالف .
"تهذيب التهذيب" (6/ 30)
وقد رواه النسائي في "السنن الكبرى" أيضا (9442) من طريقه ، وقال عقبه : " هذا حديث منكر " .
وضعفه النووي في "المجموع" (4/465) ، وكذا ضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" وغيره .
وروى أحمد (6518) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَلْقَاهُ وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: ( هَذَا شَرٌّ ، هَذَا حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ ) ، فَأَلْقَاهُ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَسَكَتَ عَنْهُ .
حسنه الألباني في "آداب الزفاف" وقال :
" وفي الحديث جواز اتخاذ خاتم الفضة ، وإطلاقه يقتضي إباحته ولو كان أكثر من مثقال ، وأما حديث: ( ... ولا تتمه مثقالا ) فضعيف " انتهى من "آداب الزفاف" (ص217-222)
فلا حرج على المسلم من اتخاذ خاتم الفضة على ما جرت به العادة ، ولو بلغ مثقالا فأكثر ، ما لم يبلغ به حد الإسراف أو الخيلاء .
أما خروجه عن العادة والعرف ، فينهى عنه إذا بلغ بصاحبه حد الشهرة .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم (114424) .
والله أعلم .