صديقه زائغ منحرف وهو يحبه ، فماذا يفعل معه ؟ وهل يستمر في علاقته به ؟
لي صديق أحبه كثيرا كأخي ، وزاد تقديره لي بعد تحولي من فرقة بريلوي (جماعة صوفية بباكستان ) إلي منهج السلف وأخبرني بأشياء غريبة منها:
1- أنه لا يمكن له أن يكذب فكلما حاول الكذب يجد نفسه يتكلم الحقيقة .
2- أنه قريب جدا من الله وله مع الله مقامات.
3- ويذكر أن الله يقرِّه علي بعض الأمور لكن لا يخبرني كيف يحدث هذا .
4- لديه قوة سرية .
وبالنسبة لتدينه كما تناقشت معه فإنه : لا يؤمن بأحاديث كثيرة متعللا بأنها تتعارض مع القرآن ، مع أني قد بينت له أنه لا يوجد تعارض بين القران والحديث ، لكن اعتمد علي بعض الأحاديث التي يوهم ظاهرها أنها تتعارض ، كما أنه لا يعتقد بوجوب إطلاق اللحية ، ويعتقد أن الموسيقي حلال معتبرا أنها وسيلة للقرب من الله ، وصلاته متقطعة وخاصة صلاة الفجر ، بل قد يقضي الليل في التهجد والتفكر ويترك صلاة الفجر ، كما أنه لا يعتقد بمجيء المهدي المنتظر ولا بنزول عيسي عليه السلام في آخر الزمان ، ويؤمن بخلق القرآن ، وبوجوده عندما تكلم الله به قبل أن ينزل إلي الأرض ، كما أنه يعطي دروس في التفسير دون الحصول علي إجازة ، أنا في قلق بخصوص عقيدته هل هو حظيرة الإسلام ؟ ادعوا الله أن يهديه ، كيف لي أن أساعده حتي ينجو في الآخرة ؟ أرجوا النصيحة فضيلة الشيخ ، هل أستمر في علاقتي معه وأكلمه ؟ فنيتي أن أصحح ضلالاته ، وأمر آخر : لا أدري لماذا أنا مرتبط بهذا الشخص ودائما يزعجني حين أصلي أو اقرأ القرآن واستمع للمحاضرات الإسلامية لكني دائما ملتزم الهدوء .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
حثنا الشرع على ضرورة اختيار الصاحب التقيّ ذي الخلق والدين ؛ الذي يعين على طاعة
الله وينهى عن معصيته ، قال تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67 .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَا
تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا ، وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ ) رواه
الترمذي ( 2395 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (
الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) . رواه
أبو داود (4833) ، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" وهذا معناه - والله أعلم - أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه ، والدينُ
العادةُ ، فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة .
والمعنى في ذلك : ألا يخالط الإنسان من يحمله على غير ما يحمد من الأفعال والمذاهب
، وأما من يؤمن منه ذلك فلا حرج في صحبته " انتهى من " بهجة المجالس " ( 2 / 751 )
.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" النَّاسَ كَأَسْرَابِ الْقَطَا ؛ مَجْبُولُونَ عَلَى تَشَبُّهِ بَعْضِهِمْ
بِبَعْضِ . وَلِهَذَا كَانَ الْمُبْتَدِئُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ : لَهُ مِثْلُ
مَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (28/ 150)
.
ثانيا :
هذا الصاحب الذي تتحدث عنه على خلاف منهج أهل السنة والجماعة ، وهو إلى منهج غلاة
الصوفية أقرب ، يدل على ذلك قوله : إن له مع الله مقامات ، وإنه لا يستطيع الكذب ،
وإن الله يقره على بعض ما يقول ويفعل ، وإن له قوة خفية .
ولا داعي للخوض في هذه الأباطيل المذكورة وتفنيدها ، حيث إن السائل يقر ببطلانها
ولا يعتقد أنها صحيحة .
ومثل هذا يحتاج إلى من ينصحه ويبين له خطأه ويرشده إلى الصواب .
وطريق ذلك شاق بلا شك ، ولكنه يحتاج إلى كثير من الحكمة والعلم ، مع مزيد من الصبر
والاحتساب .
فلا بد من تعريفه أولا بمنهج أهل السنة والجماعة القائم على التسليم لله ولرسوله
صلى الله عليه وسلم ، واتباع السلف في فهم النصوص الشرعية وعدم الخروج عن ذلك ؛ لأن
الخروج عنه انحراف عن الصراط المستقيم .
ثانيا :
يجب في مقام الولاية التي يدعيها صاحبك لنفسه أن يعرف أن للولاية علامات وأمارات لا
بد من تحقيقها حتى يصح انتساب العبد إليها ، وأولياء الله تعالى حقا لا يرون
لأنفسهم مقاما ، بل يتواضعون لله تعالى ، وينظرون إلى أنفسهم دائما بعين التقصير .
وجدير بالمرء منا أن يتأسى بهم في ذلك .
وقد صح عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فيما رواه أحمد ( 322 ) عن ابْن عَبَّاسٍ
رضي الله عنه أن عمر لما طُعن فقال له : أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ ، صَاحَبْتَ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَطَلْتَ صُحْبَتَهُ ، وَوُلِّيتَ
أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَوِيتَ وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ . فَقَالَ : " أَمَّا
تَبْشِيرُكَ إِيَّايَ بِالْجَنَّةِ ، فَوَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي الدُّنْيَا بِمَا
فِيهَا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ مَا أَمَامِي قَبْلَ أَنْ أَعْلَمَ الْخَبَر
َ، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي أَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَوَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ
ذَلِكَ كَفَافًا ، لَا لِي وَلا عَلَيَّ ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ
نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ " .
فهذا قول عمر رضي الله عنه وهو خير الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي
بكر الصديق رضي الله عنه ، هذا قوله عن نفسه وهو في آخر ساعات الدنيا ، فأين هذا
ممن يدعي لنفسه المقامات العالية والأحوال السامية ؟!
وقد قال الله تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى
) النجم/ 32 .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (32470)
.
ثالثا : ينبغي أن تنصح صاحبك بتعلم العلم الشرعي من مصادره الأصلية : من القرآن
الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، وليستعن على فهم ذلك بأقوال أئمة
الإسلام المشهود لهم بالعلم والفضل ، وهو كثير والحمد لله .
ودعواه أن السنة تعارض القرآن مما يدل على نقص علمه ، وأنه في حاجة إلى من يعلمه ،
وقد أحسنت صنعا إذ بينت له ألا تعارض بين الكتاب والسنة ، وراجع للاستزادة جواب
السؤال رقم : (93111) ، (
104825 ) .
وقد أضاف إلى ذلك تهاونه بالصلوات المكتوبات وسماعه الموسيقى واعتقاده أنها وسيلة
للقرب من الله واعتقاده أن القرآن كلام الله مخلوق ؟!
فعليك بنصحه برفق وحكمة ، وإعانته على انتشاله من تلك الأوحال التي يتخبط فيها .
وانظر لبيان أن القرآن مُنَزَّل من الله تعالى غير مخلوق جواب السؤال رقم : (10153)
.
ولبيان حقيقة ادعاء الصوفية الاتصال بالله جواب السؤال رقم : (4983)
.
ولبيان منزلة السنة وأنها المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي جواب السؤال رقم
: (9067) .
ولبيان أدلة تحريم حلق اللحية جواب السؤال رقم : (1189)
، (75525) .
ولمعرفة الأدلة على تحريم الموسيقى وآلات اللهو جواب السؤال رقم : (5000)
.
والله تعالى أعلم .