قال لزوجته : علي الطلاق لن أقربك شهرا
حدثت إشكالية بيني وبين زوجتي لعدم تمكيني من نفسها ، بحجة أنها خافت أن تضيع منها صلاة المغرب بسبب الجنابة ، فنتيجة غضبي من ذلك حلفت عليها يمين طلاق بالثلاثة أنني لن أقربها ، وأقصد بذلك أن لا أجامعها لمدة شهر ، وكنت قاصدا بذلك الطلاق ، وبنفس الوقت الامتناع عن الجماع تأديبا لها . وكانت الصيغة كالتالي " علي الطلاق بالثلاثة ما أنا مقربلك لشهر ". وخلال هذا الشهر لم أجامعها ، ولكن حدث بيننا مداعبة ، وخلال المداعبة حدث من قبلي إنزال للمني ، ولم يحدث جماع أو إيلاج بتاتا .
والسؤال هنا : هل بسبب عملية إنزال المني خلال المداعبة يكون قد وقع الطلاق .
كما كنت قد حلفت يمين طلاق على زوجتي بأنني لن أذهب إلى بيت أهلها ، بسبب موقف ما ، وكانت الصيغة كالتالي " علي الطلاق منك ما أنا واصلهم خالص ". وكان المقصد من ذلك منع نفسي من الذهاب إليهم بتاتا ، ولم يكن المقصد إيقاع الطلاق ، وذهبت إليهم . ما هو الحكم في ذلك ؟
مع العلم أنني نادم على تلك الأيمان شديد الندم ، وأشعر بالذنب ؛ لأني أحيانا أقوم بحلف تلك الأيمان ، وأقر بأنني مخطئ في ذلك ؟ أفتونا بارك الله فيكم .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
إذا كنت قد التزمت بيمينك ، ولم تجامع زوجتك شهرا : فلم يقع طلاقك لامرأتك ، ولا
يلزمك شيء .
والمباشرة مع الإنزال ليست جماعا ، ولا يتحقق بها حنثك في اليمين .
وينظر " الشرح الممتع على زاد المستقنع ، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (13/230) .
أما إذا لم تلتزم يمينك ، ووقع الجماع قبل انقضاء الشهر ، فقد وقع الطلاق ؛ لأنك
قصدت الطلاق حقيقة إذا قارفت زوجتك كما أخبرت في السؤال .
ثانيا :
أما قولك " علي الطلاق منك ما أنا واصلهم خالص " تريد به منع نفسك عن زيارة أهل
والدتك ، فيأخذ حكم اليمين أيضا ، فإن لم تقصد به إيقاع الطلاق حقيقة ، ولم تختر
وقوع الطلاق على زيارة أهل زوجتك ، وإنما أردت منع نفسك وإلزامها بمقاطعتهم : فلا
يقع الطلاق إن خالفت هذا اليمين ، ولكن يجب عليك أداء الكفارة بإطعام عشرة مساكين ،
إذ معتمد الفتوى لدينا في هذه المسالة ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وتلميذه ابن القيم ، واختاره جماعة من علمائنا المعاصرين ، بل تفتي به أكثر دور
الفتوى في العالم الإسلامي ، أن قول " علي الطلاق " ليس طلاقا في نفسه ، وإنما ينظر
فيه إلى قصد القائل ونيته ، فإن أراد إيقاع الطلاق فعلا ، وقع الطلاق ، وإلا فيجزئه
كفارة يمين .
وقد سبق الفتوى بذلك في موقعنا في فتاوى عديدة ، هذه بعض أرقامها : (39941)
، (104614) ،
(104620) ، (128802)
، (131204) ،
(166623) ، (178536)
، (179827) ،
(182248)
كما سبق تفصيل الحديث عن كفارة اليمين في الفتوى رقم : (45676)
ثالثا :
النصيحة لك أن تلزم التوبة والاستغفار مما وقع منك ، ذلك أن الحلف بالطلاق ، وترك
الجماع مزلق خطير يهدم الأسر ، ويقوض البيوت ، ويحيل السعادة إلى أحزان متواصلة ،
والواجب على الزوج أن يستعمل الحكمة دائما ، وأن يتحلى بالصبر والتأني ، وإلا انقطع
به السبيل ، وأملى له الشيطان حتى يفرق بينه وبين زوجته .
ثم إن ما اعتذرت به زوجتك عن الجماع هو مما تحمد عليه ولا تذم به ، فإذا كانت حقيقة
تخشى من نفسها عدم إدراك صلاة المغرب بسبب الجماع والاغتسال ، فالواجب عليك مراعاة
هذا العذر ، وعدم التفريط في أداء الصلاة في وقتها ، وأن تتقي الله تعالى في زوجتك
الصالحة.
وانظر للمزيد في موقعنا الفتوى رقم : (129880)
والله أعلم .