الحمد لله.
ولذلك رد الذهبي تصحيح الحاكم لإسناده ، بقوله :
" إسناده مظلم " انتهى .
فالحديث لا يثبت بهذا التمام ، وقد ضعفه الألباني في "تخريج المشكاة" (3/184) .
وقد رواه أيضا :
معمر في "جامعه" (20770) ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (15/85) ، ونعيم بن حماد
في "الفتن" (1038) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/259) عن أَبِي هَارُونَ العبدي ،
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ به مرفوعا .
وأبو هارون العبدي : متهم بالكذب ، كذبه حماد بن زيد ، وابن علية ، وابن معين ،
والجوزجاني وغيرهم ، وقال شعبة : لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أحدث عنه .
انظر : "تهذيب التهذيب" (7/ 413) .
وقد جاء هذا الحديث مفرقا من طرق أخرى :
- أما صدره : فروى أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (1/ 112) عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّهُ سَيُصِيبُ أُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلَاءٌ شَدِيدٌ مِنْ
سُلْطَانِهِمْ، لَا يَنْجُو فِيهِ إِلَّا رَجُلٌ عَرَفَ دِينَ اللَّهِ بِلِسَانِهِ
وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ ... )
وهذا الحديث ذكره الألباني في الضعيفة (6725) وقال : " ضعيف " .
- وأما خروج المهدي ، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا : فثابت في أحاديث كثيرة ، من
أشهرها ما رواه أحمد (11313) والحاكم (8669) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُمْلَأَ الْأَرْضُ ظُلْمًا وَجَوْرًا
وَعُدْوَانًا، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مَنْ يَمْلَؤهَا قِسْطًا
وَعَدْلًا ، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ) صححه الحاكم على شرط الشيخين
ووافقه الذهبي ، وقال الألباني في "الصحيحة" (4/40) : " وهو كما قالا " .
وانظر لأحاديث المهدي جواب السؤال رقم : (1252) .
- وأما قوله : ( يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ) فجاء في حديث أبي سعيد عند
أحمد (11326) بسند ضعيف ، انظر "الضعيفة" (1588) .
- وأما قوله : ( لَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ بَذْرِهَا شَيْئًا إِلَّا
أَخْرَجَتْهُ، وَلَا السَّمَاءُ مِنْ قَطْرِهَا شَيْئًا إِلَّا صَبَّهُ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا، يَعِيشُ فِيهَا سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ أَوْ تِسْعَ )
فله شاهد من حديث أبي سعيد أيضا عند الحاكم (8673) ولفظه : ( يَخْرُجُ فِي آخِرِ
أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ
نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا ، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ وَتَعْظُمُ
الْأُمَّةُ ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا ) يَعْنِي حِجَجًا .
صححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (711) .
ورواه أحمد (11163) من طريق زيد أبي الحواري عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد
مرفوعا ولفظه :
( يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فِي أُمَّتِي خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا ) -
زَيْدٌ الشَّاكُّ - ، ثُمَّ قَالَ: ( يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا ،
وَلَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ مِنْ نَبَاتِهَا شَيْئًا، وَيَكُونُ الْمَالُ كُدُوسًا )
.
وزيد ضعيف .
- أما قوله : ( تَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَيْرِهِ )
فلم نجد له شاهدا .
والله تعالى أعلم .