الحمد لله.
أولاً :
الأصل في الاقتراض الإباحة عند الحاجة إليه ، إذا علم المقترض من نفسه القدرة على
الوفاء وإلا لم يجز ، إلا إذا كان مضطراً ، وقد جاء في السنة ما يدل على جواز
الاقتراض للحاجة .
عَنْ أَبِي رَافِعٍ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا ، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ
الصَّدَقَةِ ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَرَجَعَ
إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ ، فَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا
فَقَالَ أَعْطِهِ إِيَّاهُ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ) رواه
مسلم(1600) .
قال النووي رحمه الله : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث : جَوَاز الِاقْتِرَاض
وَالِاسْتِدَانَة , وَإِنَّمَا اِقْتَرَضَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِلْحَاجَةِ " انتهى من " شرح مسلم " .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (33/114) : " .. أما في حق المقترض , فالأصل فيه
الإباحة , وذلك لمن علم من نفسه الوفاء , بأن كان له مال مرتجى , وعزم على الوفاء
منه , وإلا لم يجز , ما لم يكن مضطراً - فإن كان كذلك وجب في حقه لدفع الضر عن نفسه
- أو كان المقرض عالماً بعدم قدرته على الوفاء وأعطاه , فلا يحرم ; لأن المنع كان
لحقه , وقد أسقط حقه بإعطائه مع علمه بحاله , قال ابن حجر الهيتمي : فعلم أنه لا
يحل لفقير إظهار الغنى عند الاقتراض ; لأن فيه تغريراً للمقرض , وقال أيضاً : ومن
ثم لو علم المقترض أنه إنما يقرضه لنحو صلاحه , وهو باطناً بخلاف ذلك حرم عليه
الاقتراض أيضاً , كما هو ظاهر " انتهى .
وينظر : "الشرح الممتع"(9/94).
ثانياً:
المال المأخوذ من الوالد يرجع فيه إلى قصد الوالد ، فإن دفعه لك بنية القرض : فهو
دين في ذمتك ، يلزمك الوفاء به .
وإن لم يقصد القرض ، بل قصد به مساعدة زميلك ، أو أعطاه لك على سبيل الهبة ، وأنت
أعطيته لصديقك : فلا يلزمك رده .
لكن لو أن الوالد قصد به هبته لك ، فالواجب عليه أن يُعطي بقية إخوتك ـ إن كان لك
إخوة ـ ما وهبه لك ؛ وذلك لتحريم التفضيل بين الأولاد في الهبة .
ثالثاً :
إذا مات الوالد قبل سداد القرض ، فالواجب عليك أن ترد القَرض إلى التركة ، ثم يقسم
، مع باقي ماله ، على ورثته ، بما فيهم أنت أيضا .
فإن أسقط الورثة الدين عنك ، ورضوا منك بألا ترده إلى التركة : فلا حرج في ذلك ؛
لأن الحق لهم ، بشرط أن يكون مكلفين ــ بالغين عاقلين ـ
فإن كانوا غير مكلفين ، أو كان بعضهم مكلفا ، والبعض غير مكلفٍ : صح التنازل في حق
البالغ العاقل ، ويلزمك رد نصيب غير المكلفين للتركة.
والله أعلم .