الحمد لله.
الْمَقْصُودَ بِالشَّهَادَةِ أَنْ يُعْلَمَ بِهَا ثُبُوتَ الْمَشْهُودِ بِهِ , وَأَنَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ , فَإِنَّهَا خَبَرٌ عَنْهُ .. وأما كون شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل فقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِكْمَةَ تَعَدُّدِ الاثْنتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ , وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَنْسَى الشَّهَادَةَ وَتَضِلُّ عَنْهَا فَتُذَكِّرُهَا الأُخْرَى , قال الله تعالى : وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى البقرة . ( ومعنى قوله أن تضل إحداهما قال ابن كثير : " يعني : المرأتين إذا نسيت الشهادة ، فتذكر إحداهما الأُخرى أي يحصل لها ذكرى بما وقع به الإشهاد . " تفسير ابن كثير ج1 ص724 .
" وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِإِشْهَادِ امْرَأَتَيْنِ لِتَوْكِيدِ الْحِفْظِ ; لأنَّ عَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ وَحِفْظَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْلِ رَجُلٍ وَحِفْظِهِ . انظر إعلام الموقعين ج1 ص75
وليس معنى هذا أن المرأة لا تفهم أو لا تستطيع أن تحفظ ، ولكنها أضعف من الرجل في هذا الجانب - غالباً - وقد أثبتت الدراسات العملية والتخصصية أن عقول الرجال أكمل من عقول النساء والواقع والحس والتجربة يشهد بذلك ، وكتب العلم خير شاهدٍ على ذلك فالعلم الذي نقله الرجال والأحاديث التي حفظوها أكثر من تلك التي جاءت عن طريق النساء .
هذا من حيث الجنس أي أن جنس الرجال أكمل من جنس النساء قال الله تعالى : الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ سورة النساء . ومع ذلك فمن النساء من تفوق كثيراً من الرجال في العقل وحسن التدبير ، ولكنهن قليل ، والحكم للأعم الأغلب .
والمرأة قد تعوّض باجتهادها ، وتتفوق عند إهمال الرجل فلذلك نجد بعض الطالبات في بعض الكليات يتفوقن على الطلاب لاجتهادهن أكثر من الطلاب وحرصهن على التحصيل في الوقت الذي يهمل فيه كثير من أولئك الطلاب ولا يحرصون على التعلّم ، كما أن الرجل يمكن أن يتفوق على المرأة في بعض ما هو من مجالاتها أصلاً فنجد أن أمهر المتخصصين في الطبخ وتصميم الملابس والتجميل وتخصص النساء والولادة على المستوى العالمي هم من الرجال .
فالعبرة إذن بالأعم الأغلب ولا يُنازع عاقل اليوم بأن أكثر المبدعين في علوم الدين كالفقه والحديث والتفسير والعقيدة والوعظ ... ألخ
والعلوم الدنيوية كالطب والفلك والهندسة والفيزياء والكيماء وغيرها هم من الرجال .
ولو تأملنا في المجتمعات الغربية التي ساوت بين الرجل والمرأة من جميع الجوانب ، لوجدنا ومع هذا وذاك فإن الله قد أعطى النساء وفضلهن على الرجال في جوانب أُخرى كالعناية بالأطفال ، والصبر والحنان والعطف عليهم ، وتدبير المنزل ؛ ولذلك جعلت الشريعة الحضانة إليها فالأم هي المدرسة الأولى ، التي تُخرج رجال المستقبل وقواد العالم ، وعلماء الأمة ، فهل بعد هذا الفضل من فضل ؟.
هذا وقد حث الإسلام على الأم وأولاها عنايةً خاصة ، وأوجب على أبنائها برها والإحسان إليها وقدمها في البر على الأب ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قَالَ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ " رواه مسلم (2548) . فهل بعد هذا الفضل من فضل ؟.
فليعمل إذن كلٌ في مجال تخصصه ، فلا يدخل الرجل في الحمل والرضاع ولا تدخل المرأة في الجهاد وقتال الأعداء والخلافة والإمارة ، وما يجوز لكليهما القيام به يجب أن يكون وفق الضوابط الشرعية كعدم اختلاط الجنسين ، وعدم اهمال الواجبات الأخرى كحق الزوج وحق الزوجة .
والله الموفق .