أرجو المساعدة ، فأنا أتعذب .
الحمد لله.
فلا يحل لواحد منكما أن يطلب من الآخر ذلك الفعل القبيح ، ولا يحل لكما أن تتراضيا به ، أو تتواطآ عليه ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
والواجب عليكما التوبة إلى
الله تعالى من ذلك ، والندم على حصوله ، وسؤال الله العافية منه ؛ فإن مثل هذه
القاذورات ، وخصال السوء ، يأنف منها ذو الفطرة السوية المستقيمة ، ولا تدعوه نفسه
إلى مثل ذلك .
ومن ترك الحلال الطيب ، واستعاض عنه بالخبيث المحرم ، فقد سلط الشيطان على نفسه ،
وأمكن عدوه منه ، فزين له سوء عمله ، وحسن له القبيح ، حتى يورطه فيه ، ويوقعه في
حباله ، فيستعذبه ، كما تستعذب الجعلان النتن والخبث ، ولا يألف الطيب والعبير .
وقد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى
الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ
نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا ، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ
بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا
فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْآخَرُ
أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا
يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ) رواه مسلم (144) .
قال ابن القيم رحمه الله :
" فالنفوس الشَّرِيفَة لَا ترْضى من الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَعْلَاهَا وأفضلها
وأحمدها عَاقِبَة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات ، وَتَقَع عَلَيْهَا كَمَا
يَقع الذُّبَاب على الأقذار " انتهى من "الفوائد" (ص 177) .
ومع ما ذكرناه من وجوب
التوبة النصوح ، ننصحكما هنا بأمور فيما بينكما :
- عدم موافقة الزوج على هذا الفعل المحرم تحت أي ظرف كان ، إن طلب ذلك مرة أخرى .
- مناصحة الزوج وتذكيره ونصحه بالتوبة والإنابة إلى الله .
- الانشغال بطاعة الله عما يدعو إلى مثل هذه الأفعال الشاذة والمنكرة ، والتوبة إلى
الله منها ، كمشاهدة الأفلام والتمثيليات والصور المحرمة .
- إبعاد الزوج عن كل ما يدعو إلى الاستلذاذ بالدبر من مداعبة في هذا الموضع ، ونظر
ونحو ذلك .
- الاعتناء بالتهيؤ للزوج ، والتصنع له ، وقضاء كل منكما حاجته من صاحبه ، في
الموضع الذي أحل الله ، لكن مع ترغيب كل منكما صاحبه قبل ذلك ، بالملاعبة والمباشرة
، بما يحقق الرغبة بينكما ، ويعين على قضاء الوطر في المحل المباح .
- تحلّي بالصبر عن معصية الله ، والمثابرة على طاعته ، وتوطين النفس على ترك هذا
المحرم ؛ فربما صعب ذلك بادئ الأمر ، فلا يؤثر ذلك في عزيمتك على التوبة والاستقامة
، وبالصبر والحكمة وطرد الوساوس عن النفس وعدم إشغال البال بالباطل تنحل العقدة
ويزول الكرب وتعود النفس إلى طبيعتها بإذن الله .
- أكثري من تلاوة القرآن وذكر الله والاستغفار ، فإن ذلك يُصقل القلب ، ويصرف الهم
والغم ، ويفسد على الشيطان تدبيره وكيده ، فإذا ذاق القلب حلاوة الذكر ، واستنار
بنور الطاعة ، عادت إلى النفس طبيعتها وفطرتها من حب الرغبة في الحلال الطيب
والنفور من الحرام الخبيث .
- ليكن لك ولزوجك حظ من صلاة الليل ، ودعاء جوف الليل الآخر ، وقد روى أبو داود
(1451) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنَ
اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا
مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتِ ) وصححه الألباني في "صحيح
أبي داود" .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى ، وَأَيْقَظَ
امْرَأَتَهُ ، فَإِنْ أَبَتْ ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، رَحِمَ اللَّهُ
امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ
أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ ) .
رواه أبو داود (1308) وصححه الألباني .
ومثل هذا ينصلح به الحال ويستقيم به المزاج ويصرف عن الانحراف واتباع الهوى .
نسأل الله أن يعينك على نفسك وشيطانك ، وأن يصرف عنك وعن زوجك مكائد الشيطان
ودسائسه .
فإن لم ينصلح حالكما ، وبقيت رغبة كل منكما في صاحبه في الموضع المحرم : فليس لكما الاجتماع على مثل هذه المعصية ، بل الافتراق ، على طاعة الله ، خير منها ، وأقل لحسابكما عند الله .
ينظر للفائدة جواب السؤال
رقم : (91968) .
والله تعالى أعلم .