قال رجل لرجل آخر إذا حصل كذا ادفع لي ، وإذا لم يحصل دفعت لك . وقال رجل لرجل آخر إذا أمطرت اليوم دفعت لك وإذا لم تمطر لا تدفع . فما حكم ذلك ؟
الحمد لله.
من قال لصحابه ، إن كان حصل كذا فيلزمك كذا ، وإذا لم يحصل كذا لزمني كذا..
أو إن حصل مطر : لزمني كذا ..
فهاتان الصورتان ونحوهما : من القمار المحرم الذي لا يجوز أخذ العوض فيه ، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) المائدة/90 .
قال الإمام القرطبي رحمه الله " :
قوله تعالى : " وَالْمَيْسِرِ " : الميسر: قمار العرب بالأزلام .
قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يخاطر الرجل على أهله وماله ، فأيهما قَمَر صاحبه [ غلبه ] : ذهب بماله وأهله ، فنزلت الآية .
وقال مجاهد ، ومحمد بن سيرين ، والحسن ، وابن المسيب ، وعطاء ، وقتادة ، ومعاوية ابن صالح ، وطاوس ، وعلى بن أبى طالب رضي الله عنه ، وابن عباس أيضاً : كل شيء فيه قمار ، من نرد وشطرنج : فهو الميسر، حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب ، إلا ما أبيح من الرهان في الخيل والقرعة في إفراز الحقوق ، على ما يأتي .
وقال مالك : الميسر ميسران : ميسر اللهو ، وميسر القمار، فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها.
وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه .
قال على بن أبى طالب : الشطرنج ميسر العجم .
وكل ما قومر به : فهو ميسر عند مالك وغيره من العلماء " .
انتهى من "الجامع لأحكام القرآن"(3/52) .
وروى أبو داود (2574) والترمذي (1700) وابن ماجة(2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
والسبَق : هو المكافأة أو الجائزة التي يأخذها السابق .
فلا يجوز أخذ المال أو العوض : " السبَق " في شيء من المسابقات والألعاب ، إلا في هذه الثلاثة المنصوص عليها في الحديث ، وما في معناها مما يعين على أمور الجهاد .
وينظر : "معالم السنن" للخطابي (2/255).
سئل الشيخ عبد العزيز ابن باز ـ رحمه الله : بعض الناس يُراهِن فيقول: إذا كان كذا سأعطيك ما قيمته كذا وكذا ، والعكس ، وهذا يسمونه الرهان، هل هو حلال أم حرام ؟
فأجاب: هذا ما يجوز، ليس بحلال، بل هذا محرم، هذه مراهنة من باب القمار ، من باب الميسر الذي قال الله فيه سبحانه: ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )المائدة/ من الآية90 ، والميسر : هو القمار ؛ وهو مثلما : إن كان كذا فكذا ، إن كان فلان جاء ، فلك كذا وإن كان ما جاء فعليك كذا، إن كان فلان كذا، إن كان هذا الذي معك ذهب أو حجر أو كذا ، على حسب ما يختلفان فيه ، المقصود مثل هذه المراهنات تعتبر من جملة الميسر ، من القمار ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر ) والسبق العوض ، أي لا عوض إلا في نصل أو خف أو حافر، يعني في الرمي ، وفي المسابقة بالخيل ، وفي المسابقة بالإبل ... " وسئل علماء "اللجنة الدائمة "(15/159) : " تراهن نفران من أربعمائة إلى أربعمائة، أي: من صار عليه الحق يدفع أربعمائة ، والذي صار له الحق حلف أنه لن يسمح لصاحبه.
فأجابوا:
"المراهنة بين اثنين أو فريقين على الصفة المذكورة : لا يجوز أخذ ما عين فيها؛ لأنها ضرب من الميسر الذي حرمه الله -سبحانه وتعالى- بقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر ) رواه أحمد والثلاثة، وصححه ابن حبان ، وعلى الحالف أن يترك أخذ المبلغ ، وأن يكفر عن يمينه الكفارة المنصوصة في قول الله -سبحانه-: ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) " انتهى.
والله أعلم .