الحمد لله.
ثانيا :
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 175 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَدَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخَافَ
أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ، وَلَا يَخَافَ النَّاسَ ، كَمَا قَالَ : ( فَلَا
تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) ؛ فَخَوْفُ اللَّهِ : أَمَرَ بِهِ ، وَخَوْفُ
أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ : نَهَى عَنْهُ ، قَالَ تَعَالَى : ( لِئَلَّا يَكُونَ
لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا
تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) ؛ فَنَهَى عَنْ خَشْيَةِ الظَّالِمِ ، وَأَمَرَ
بِخَشْيَتِهِ . وَقَالَ: ( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ
وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ ) ، وَقَالَ: ( فَإِيَّايَ
فَارْهَبُونِ ) .
وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ : يَا رَبِّ إنِّي أَخَافُك وَأَخَافُ مَنْ لَا يَخَافُك
: فَهَذَا كَلَامٌ سَاقِطٌ ، لَا يَجُوزُ ؛ بَلْ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَخَافَ
اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلَا يَخَافَ أَحَدًا ؛ فَإِنَّ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ :
أَذَلُّ مِنْ أَنْ يُخَافَ ؛ فَإِنَّهُ ظَالِمٌ ، وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ
الشَّيْطَانِ ؛ فَالْخَوْفُ مِنْهُ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .
وَإِذَا قِيلَ : قَدْ يُؤْذِينِي ؟
قِيلَ : إنَّمَا يُؤْذِيك بِتَسْلِيطِ اللَّهِ لَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ
دَفْعَ شَرِّهِ عَنْك دَفَعَهُ ؛ فَالْأَمْرُ لِلَّهِ ؛ وَإِنَّمَا يُسَلَّطُ عَلَى
الْعَبْدِ بِذُنُوبِهِ ، وَأَنْتَ إذَا خِفْتَ اللَّهَ ، فَاتَّقَيْتَهُ ،
وَتَوَكَّلْتَ عَلَيْهِ : كَفَاكَ شَرَّ كُلِّ شَرٍّ ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْكَ
، فَإِنَّهُ قَالَ: ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) ،
وَتَسْلِيطُهُ يَكُونُ بِسَبَبِ ذُنُوبِك ، وَخَوْفِك مِنْهُ .
فَإِذَا خِفْتَ اللَّهَ ، وَتُبْتَ مِنْ ذُنُوبِك ، وَاسْتَغْفَرْتَهُ : لَمْ
يُسَلَّطْ عَلَيْكَ ، كَمَا قَالَ : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ ) " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/57-58) ، وينظر أيضا : "جامع المسائل" (3/58) .
وعلى ذلك : فلا ينبغي إطلاق هذا القول ؛ بل حقه أن يضاف إلى " المناهي اللفظية "
التي ينبغي توقيها .
وراجع للفائدة : جواب السؤال رقم : (161597)
، ورقم : (191525) .
والله تعالى أعلم .