الحمد لله.
فإذا كان هذا المدرس قد أتم شرح المنهج كاملا ، على الوجه المعتاد من مثله ، وأعطاه الوقت الكافي لمثله : فقد استحق الأجرة كاملة ، ولا عبرة بعدد الحصص ؛ لأن العقد على المنهج لا على عدد الحصص .
أما إذا لم يقم بالعمل على
الوجه المطلوب ، فاختصر المنهج في أقل من الزمان الذي يحتاجه عادة ، أو لم يعطه
الجهد الكافي ، فهنا يحق للمستأجر أن يوقفه عن إتمام عمله ، ويفسخ معه عقد الإجارة
.
وإذا كان المدرس - في حالتك -ـ قد أخبرك بالانتهاء من عمله ، وقد بقي شيء في المنهج
يحتاج إلى شرح أو ضبط ، فمن حقك طلب إكماله منه .
سئل الشيخ محمد بن المختار
الشنقيطي :
إذا اتفقت مع عامل على أن يعمل عندي شهراً بمبلغ من المال ، وبعد مضي أيام من عمله
لم يعجبني عمله وأوقفته، فهل أعطيه أجرة الأيام التي عملها، أم أجرة الشهر كاملاً ؟
فأجاب :
" إن الله تعالى يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )
المائدة/1 ، فبينك وبين أخيك المسلم عقد إجارة شهر كامل ، فلابد من إتمام هذا العقد
، إلا إذا وجد العذر الشرعي .
وأما قولك : لم يعجبني عمله ، هذا القول فيه تفصيل: إن كان مرادك أنه لم يقم بالعمل
على الوجه المعتبر، وأنه يقصر ويضيع ويفرط ، فمن حقك أن توقفه وتقول له : إما أن
تؤدي العمل تاماً بدون تفريط ، وإما أن ألغي الإجارة فيما بقي من الشهر.
ومن حقك أيضاً أن تقدر أجرة مثله فيما مضى ، فلا يأخذ الأجرة كاملة.
فلو أنك استأجرت شخصاً لأجل القيام بمصلحة النجارة ، فعمل نصف ما ينبغي أن يعمل
مثله، كأن يكون بطيء العمل ، ثقيل اليد ، لا يحسن الإدارة للعمل ، حتى أصبح نصف
العمل قد سقط ، فمثله يستحق أجرة خمسين وأنت أعطيته مائة ، فمن حقك أن تعطيه على
الأعمال الماضية أجرة خمسين ، وتقول له : إما أن تلتزم بأداء العمل بما يستحق مثلك
ممن يأخذ مائة، وإما أن تفسخ العقد ، وتعطيه مهلة يوم أو يومين حتى يستقيم وتنظر،
إن أتم العمل فبها ونعمت .
والسبب في هذا التفصيل: أن العقود والاتفاقات محتكم إليها؛ لأن الله أوجب علينا أن
نفي بهذا المتفق عليه، فأنت اتفقت معه على أن يقوم بعمل يستحق المائة ، لكن العمل
الذي قام به يستحق الخمسين ، فيصبح أخذه للخمسين الزائدة من أكل المال بالباطل ،
سواء كان في مزرعة أو ورشة أو شركة ، أو في أي مجال ، فإذا لم يؤد العمل الذي يستحق
بمثله الأجرة التي خصصتها له ، كان من حقك أن ترده إلى أجرة مثله ، وأن تخيره فيما
بقي من الشهر؛ إما أن يتم العمل الذي يستحق به المائة وإما أن يفسخ العقد .
فما دام اتفق معه على أن يقوم بالعمل الذي يستحق به مائة ، فينبغي أن يؤدي عمله
الذي يستحق به المائة .
وقولك : لا يعجبني ، قد يراد به الكمال، وإذا أردت به الكمال فليس من حقك أن تنقص
أجرته ولا أن تلغي العقد فيما بقي من الشهر إلا برضاه ؛ لأن الأصل الذي اتفق عليه
يستحق به المائة، والأكمل ليس مطالباً به " .
انتهى مختصرا من "شرح زاد المستقنع" (220/ 12) بترقيم الشاملة .
والذي ننصح به أختنا المسلمة
أن تختار لدروسها الخصوصية مدرسة بدلا من المدرس ؛ منعا من حصول الفتنة ، وصيانة
للأعراض وحرمات البيوت .
ينظر إجابة السؤال رقم : (47554)
.
والله أعلم .