فشلت في حل مشاكلها مع زوجها بسبب شكوكه وعدم تقبله للنصيحة ، فهل الطلاق هو الحل؟
أنا فتاة متزوجة منذ عام ونصف ، عن قناعة وحب وليس زواج تقليدي ، بدأت أشعر بالمشاكل النفسية والتي دفعتني للكتابة إليكم بعد 6 أشهر من الزواج ، ملخصها أنني أشعر بالفشل في حياتنا الزوجية بسبب عدم القدرة على التفاهم والحوار بيننا ، وإيجاد الوسيلة المثلى لمواجهة المشاكل ، وحلها ، وإدارة حياتنا باستقرار، وذلك برغم عدم وجود اختلافات جوهرية بيننا في مستوى التعليم أو الثقافة أو حتى الطباع والسلوكيات بصورة عامة ، ولكن سأحاول ذكر أسباب الفشل في النقاط التالية ، مع العلم بأنني أحب زوجي جدا، وهو إنسان طيب وحنون وكريم ولا غبار على أخلاقياته :
1. زوجي متطرف جدا في التفكير تجاه المواقف الحياتية اليومية ، ولا يملك أي ليونة ويسر في التعامل مع المواقف ، وردود أفعاله تتسم بالقسوة والانحراف .
والأمثلة كالتالي:
- كنا معتادين على مقابلة أصدقائه ليجالسهم وأنا أجالس زوجاتهم ، مما خلق روح طيبة بين الجميع وحياة اجتماعية جيدة للغاية ، وفي إحدى المرات كان بيننا خلاف أنا وزوجي وكنا ليلة عيد الأضحى ، وطلب زوجات أصدقائه السهر معي في منزلنا ، أبلغته ووافق ، ولكن وبدون سبب تملكه شك أنني كنت أروي المشكلة التي كانت بيني وبينه لهم ، ومن وقتها قطع جميع الاتصالات بيني وبينهم وتغير أسلوب حياتنا بالكامل ، وساء ظنون أصدقائنا بنا، وكل هذا بسبب شك ليس له أساس من الصحة ولا أي دليل ، وحين حاولت التحاور معه أكثر من مرة لم يستجيب أو يقتنع ، مع العلم بأنني لا يهمني إطلاقا إعادة التواصل معهم ولكن أذكر ذلك كمثال فقط .
- حدثت مشكلة بسيطة مع حارس البناية بسبب مواقف السيارات ومثلها مع صاحب المصبغة أسفل منزلنا وكذلك مع محل للأسماك ، وكانت ردود أفعالة متشابهة معهم وهي النفور التام والمقاطعة والتعامل بجفاء وعنف ، وعندما تغير الحارس طلبت منه أن نخلق علاقة جيدة معه ونرسل له طعام وغيره ولكنه فاجئني برده "لا نخليه يخاف مننا أحسن" ! .
2. عنده شك دائم ومستمر من ناحيتي منذ شكه في أنني أفشيت أسرارنا لزوجات أصدقائه المرة الأولى "والتي أكرر لا يملك أي دليل عليها ولم تحدث إطلاقا"، وفي كل تصرف وفي كل همسة أضطر دائما لإيجاد الدلائل له على صدق كلامي والحلفان المستمر حتى يصدقني ، ومع ذلك لا يصدقني ، دائما عنده شعور أنني أكذب عليه ، وأخفي أشياء ، وأبوح بأسرار ، وأتحدث مع ناس لا يرغب في التعامل معهم ، وأفعل تصرفات بدون علمه هو يرفضها ، دائما يتجسس على هاتفي ومحادثاتي ، وفي كل مشكلة يختمها بقوله :"لا تنسي أن تخبري أصدقائك ومن ثم تمسحي أرقامهم حتى لا أعلم " !!! ، شك دائم ومستمر وبدون أي أدلة ، يقتلني ويدمر أعصابي ويضغط عليا نفسيا، مما دفعني للعزلة والبعد حتى عن الكثير من أصدقائي حتى أتجنب شكه الدائم ، وحاولت التحدث معه وتوصيل شعوري له ، وأنني لن أتقبل الشك مرة أخرى ، ولكن لا يتغير أبدا ، حتى أنه في جميع طلباته يختمها بقوله : " أظن كلامي واضح "!! للترهيب في حالة عدم الاستجابة أو فعل شيء لا يرغبه ، ونتيجة هذا الشك فقد قطع كل صلة لي بعالمه ليس فقط أصدقائه ، ولكن حتى أهله ، يبعدني عن التواصل المستمر والقرب منهم مما تسبب أيضا في حالة من الجفاء بيننا بسببه ، كأنه يرغب بعزلي تماما عن الناس لضمان عدم إفشاء أسراره !! وكل ذلك بدون دليل .
3. زوجي غير مقتنع أساسا بفكرة وجود مشاكل في الحياة الزوجية ، بمعنى أنه على قناعة أنه حتى الاختلافات الصغيرة في الرأي يمكن تجنبها، وهذا مستحيل لأنه طالما هناك حياة وتعامل واختلاف في الطباع والآراء وسوء الفهم أو التواصل كل ذلك ممكن يؤدي لحدوث اختلافات، ولكن المهم من وجهة نظري هو كيفية التعامل معها باعتدال وهدوء ، وعدم إعطائها أكبر من حجمها ، وعدم التطرف في مواجهتها مثل "قطع العلاقات ، البعد المستمر والهروب من المواجهة ، تحميل الأطراف الأخرى الذنب ، حتى نتمكن من حلها وضمان عدم تكرارها، زوجي لا يملك القدرة نهائيا على مواجهة المشاكل وحلها، ودائما يبتعد عني لمدة تتجاوز الشهر في حالة حدوث مشكلة بسيطة ، ويرفض محاولاتي للحديث معه تماما، يذكرني بالشخص الذي كلما صادفته صخرة في طريقه ، بدلا من أن يتجاوزها ، أو يزيحها ويستمر في طريقه ، فإنه يغير مسار حياته بالكامل على أمل أن لا يواجهها مرة أخرى .
4. اقتناعه بأنه ومن منطلق أنه لا يحب المشاكل ولا يسعى إليها فهو إنسان لا يخطئ أبدا ، ويتصرف دائما بحسن نية ، والطرف الأخر هو المتسبب في المشكلة ؛ لأنه أساء الظن في تصرفاته ، بمعنى أنه دائما يحملني أنا ذنب أي مشكلة ، ولا يعترف نهائيا بأخطائه بل أنا السبب لأنني لم أفهمه .
وهل هذا منطق ؟
هل يوجد إنسان كامل لا يخطئ أبدا وكل تصرفاته مبررة ؟
ولو قمت أنا بنفس التصرف يقول : إنني مخطئة ، وأسأت إليه و .. ، مع العلم بأنني تصرفت بنفس حسن النية الذي تصرفه هو.
لماذا يتنصل دائما من تحمل مسئولية أخطائه ؟ لماذا يبيح لنفسه التصرف تحت مسمى حسن النية ويحرمه على الآخرين ؟
5. عدم تقبله النصح من أي طرف حتى أهله ، مما يعني أنني لا يمكن أن أدخل أي طرف بيننا لتوصيل وجهة نظري ، مما يحجمني عن محاولة حل المشاكل بيننا ؛ لأنه لا يقتنع بكلامي ويرفض أساسا التعامل معي لمدة تتجاوز الشهر ، ولا يقبل أيضا تدخل طرف أخر. للعلم ، فإن زوجي في بيت أهله العديد من المشاكل ، مما أظن هو السبب في خوفه الدائم من المشاكل وعدم تقبلها، وإن كان يبعدني تماما عنها ، ولا يحاول أن يظهر تلك الصورة الحقيقية لأهله لي وأنا أعلم دائما بالصدفة ، مما أيضا يشكل ضغط دائم ومستمر عليه وعلى لرغبته في رسم صورة مثالية غير حقيقة لمنزل أهله .
لقد تعبت تماما من الحياة بهذا الشكل ، عدم تقبل المشاكل والقدرة على التعامل معها ، والشك دائم جعلني في حالة خوف مستمرة ، دائما أخاف أن أخطئ بكلمة أو همسة أو تصرف فتحدث مشكلة ، أعاني من أثارها على مدى أسابيع كالعادة ، أخاف حتى في الحديث معه ، على قدر ما هو إنسان حنون وطيب وكريم إلا أنه متطرف جدا في التعامل عند الغضب أو المشاكل ، وأرجوكم لا تنصحوني بمحاولة تجنبها ؛ لأنه من غير المنطقي أن لا تحدث مشكلة واحدة صغيرة على مدى حياتنا الزوجية ! أنا أيضا بشر ومن الممكن أن أتضايق من تصرفاته وأغضب من أي موقف .
ولكن ألا يحق لي الشكوى لمجرد تجنب مشكلة لا يستطيع هو مواجهتها ؟
وإن حتى فقدت أعصابي وأخطأت فهو نتيجة الخوف الدائم والضغط المستمر .
ألا يحق لي أن يحتويني كما حاولت أن أحتويه دائما ؟
أليس حراما أن نقضي نصف عمرنا في البعد بسبب تجنب مواجهة المشاكل بدل حلها ؟
أرغب في الانفصال ؛ لأنني فشلت وتعبت وأعصابي دائما منهارة ، أصبحت في منتهى العصبية مع كل من حولي ، أشعر بالاختناق الدائم ، وعدم الأمان ، برغم حبي الشديد له إلا أنني لا أرغب في استمرار الحياة معه ، أشعر بالعجز ، ولأنني يحق لي أن أشعر بأنني إنسانة طبيعية ولست ملاكا كما هو متوقع مني أن أكون ، وإن كنت ملاكا، فيحق لي أن أعيش مع ملاك وليس إنسان .
أرجوكم أفيدوني هل الانفصال هو الحل ؟
الجواب
الحمد لله.
عام ونصف من الزواج ؛ وتظنين أنك قد استفرغت الجهد في البحث عن حل لمشاكلك الزوجية؟
إنها مدة غير كافية للخروج برؤية متكاملة ، والحكم على فشل زواجك وفشلك في التغيير،
فما زالت خبراتك الحياتية قيد التطوير ، وما زلت بصدد تعلم : كيف تواجهين مشاكل
الحياة الزوجية .
أيتها الفاضلة ، لو أن كل امرأة وقفت منهارة أمام المشاكل الزوجية ، ورفعت الراية
البيضاء منذ البداية ، ووجدت الحل في الانفصال ، لكانت أكثر نساء العالم مطلقات ،
فمن منهن قد تزوجت برجل يطابقها تماما : في كل الصفات ، وكل الحركات ، وكل السكنات
؟ ومَنْ مِنَ الأزواج لم يلاق قط عقبات خاصة في بداية الزواج ؟
السنتان الأوليان من عمر الحياة الزوجية مرحلة أولية للتعرف على طبائع الآخر ،
ومحاولة متجددة لتفهم نفسانية من نعاشر ، وردود أفعاله ، وما يغضبه وما يفرحه ، وهي
حجر الأساس في علاقة زوجية هانئة مبنية على الود والتفاهم ، أو على أقل تقدير :
حياة محتملة بقدر معقول ، لا يتعذر على كل طرف فيها أن يؤدي رسالته في الحياة ،
ويقوم بواجبه نحو صاحبه .
ولعل في حالتك - أختنا الكريمة - ما يسهل عليك ذلك ، فعاطفتك تجاه زوجك كفيلة بأن
تجعلك تحاولين وتحاولين ، إلى حين الوصول لكسبه ، ولتجاوز العقبات .
وفيما يلي بعض النصائح بخصوص ما تم عرضه من استشكالات:
1- ما أوردته من عنف وردة فعل عنيفة تجاه حارس العمارة وغيره ، قد يكون من وجهة
نظرك الأنثوية عنفا ، ومن وجهة نظره الرجولية : حزما وحسما في المواقف . ثم إن من
لدغه الثعبان يوما يخشى دوما الاقتراب من الحبل ، فلعل تجربته في الحياة أملت عليه
ذلك التعامل مع الحارس وغيره ، واعتاد على التعامل لمدة طويلة بمنطق العنف والجفاء
، قد يكون فعلا مخطئا ، ومن حقك أن تنبهيه ، لكن لا تنتظري –بين عشية وضحاها – أن
يتغير ، ولا تفترضي أنه سيقتنع بكلامك ، خاصة إن لم تنتقي كلماتك ، وتتخيري ألفاظك
لنصحه بشكل غير مباشر ، فنصيحة المرأة لزوجها يجب أن تتسم بالذكاء ، وإلا لفهم منها
أنها تفرض عليه وصايتها ، فتأتي النتائج ضد المراد ، واحمدي الله أن هذا العنف
والجفاء لا يطالك أنت ، بل هو لأناس غرباء عنكم .
2- شكه في أنك قد أفشيت أسرارك لصديقاتك : قد يكون مبنيا على موقف أسأت فيه التقدير
، فكنت المسؤولة بشكل غير مباشر في زرع الشك عنده تجاهك ، وقد يكون سبب ذلك طبيعته
الشكاكة الموسوسة ، فاحرصي على الابتعاد عن كل ما يثير شكه ووسوسته ، وإن استفحل
الأمر ، فانصحيه بطريقة لبقة : بأن يعرض نفسه على طبيب نفساني ، فقد يكون السبب في
ذلك اضطراب عنده ، يحتاج إلى نوع من العلاج .
3- من خلال حديثك عن تعاملكما مع المشاكل ، يتبين أن هناك اختلافا في طباعكما ، وفي
طريقتكما في رؤية الأشياء ، وهذا أمر وارد ، وكثير أيضا ، ومن الممكن احتماله ،
والتعايش معه ؛ ما دام لم يصل للتنافر ؛ فأنت ـ عادة ـ ما ترين الأمور بنظارتك
الأنثوية ، وهو يراها برجولته ، ربما تكونين أكثر عمقا في إدراكك للأمور ، وحكمك
عليها ، ويكون هو أكثر سطحية . ربما تكون شخصيتك تحليلية انتقادية ، وهو شخصيته
تجاوزية .
كل هذا من اختلاف الطباع ، ولا يفترض أن يكون هناك تطابق تام بينكما ، بل الاختلاف
سنة كونية ، والعاقلة من تستوعب ذلك الاختلاف ، في حدود ما لا يمس جوهر الحياة
الزوجية ، أو يتعذر معه معاشرة كل منكما لصاحبه بالمعروف ، كما أمر الله .
4- ربما كثرة تدقيقك وإحصائك هفواته تشعره بأنه محاصر ، ولو كنت على حق ، فيؤدي به
ذلك إلى إسقاط أخطائه عليك ، فحاولي عدم التدقيق معه وعدم محاصرته بأخطائه ، فقليل
من التجاوز والتلطف لا يضر ؛ بل ينفعكما كثيرا في استمرار المعاشرة والمعايشة
بينكما .
5- توصيفك لما يدور ببيت أهله من مشاكل ، ومن أنه قد يكون ذلك السبب في عدم تقبله
أن يكون لديه مشاكل معه : قد يكون صحيحا ، فاعملي أيتها الفاضلة على أن تبتعدي عن
كل ما يحيي في نفسه تلك العقدة – إن كانت – ويؤججها، ولا ننصحك في حالتك هذه بتوسيط
عائلته في فك نزاعكما ، بل اعملي على أن يبقى الأمر بينكما ، فليست هذه من المشاكل
التي تستدعي تدخلا من ثالث ، بالإضافة إلى أنك تعلمين الآن سبب تركيزه على عدم
إفشاء أسراركما ، وغضبه أشد الغضب من ذلك ، فاعملي على أن تبقى مشاكلك وأسرارك
بينكما فقط ، والأيام كفيلة بجعله بتغير ، ومساعدتكما على تجاوز مثل هذه المنغصات .
أختنا الكريمة،
إن من السهل أن تقولي : إنك غير قادرة على الاستمرار ، وإنك تودين الانفصال عن زوجك
، فقط اجلسي مع نفسك واسأليها في حالة صفاء ، فستجيبك بأنك لن تكوني أحسن حالا في
بعده ، وسوف يكون عيشك أشد قسوة ، وأكثر تنغيصا ، سوف تعيشين مرارة امرأة مطلقة ،
ليس من اليسير أن تجد الخيارات المناسبة ، بل ربما تقبل بعد ذلك بما : يمشي الحال ،
والسلام !!
وأما قسوة المعاناة المجتمعية : فاسألي عنها المطلقات ، والعوانس ، في مجتمعات نقص
فيها قدر كبير من المودة والشفقة ، والأخلاق الكريمة ، والتكافل ، وتفهم طبيعة
الأمور .
حبك له يستدعي تضحية وبذلا إلى حين تفهمك نفسياته وحاجاته ، فلا تيأسي من الحوار ،
وساعديه على أن يفهمك ، ويفهم ما يزعجك منه ، وما يقف حاجزا دون إحساسك بالاستقرار
والأمان .
هو أمر شاق بالتأكيد ، فالتعامل مع الطباع من أصعب المشكلات التي تواجه الأزواج
،لأننا نكون في انتظار تغير شيء ليس بأيدينا نحن ، إنما هو بيد الآخر ، ولا ضمان
لنا في التغيير إلا أن يكون الآخر مستعدا راغبا في التغيير ، معترفا بالتقصير
وبالخطأ ، وليس من السهل الوصول إلى إقناعه إلا بتوفيق من الله ومدده ، لكن لا شيء
مستحيل مع الإصرار وتكرار المحاولة بعد التوكل على الله والاستعانة به تعالى ،
فاستهدي بربك ، وأكثري من الاستغفار والأذكار، واستعيني به سبحانه ، وألحي عليه في
سجودك أن ييسر لك زوجك وأن يقر به عينك وأن يجمع بينكما فيما يحبه ويرضاه .
إننا نقول لك : إن قرار الانفصال : هو أمر سابق لأوانه كثيرا ، ومن الممكن تجاوزه ،
بشي من الصبر ، والمحاولة .
وانظري للفائدة جواب السؤال رقم : (174828)
، ورقم : (4143) .
والله أعلم .