الحمد لله.
ولأجل ذلك يمنع بعض أولياء الأمور موليته من الخروج مع زوجها بعد العقد ، خشية الانفراد بها والتمكن من الدخول بها ؛ ولا شك أن ذلك كله من المبالغة في الصيانة ، ودفع التهمة والأذى عن المرأة ؛ ولا غرابة في احتياط بعض أولياء الأمور ، بل ومبالغته في الاحتياط في مثل ذلك ؛ فالمرأة بعد العقد تبقى تحت ولاية والدها إلى أن يتسلمها زوجها ، وينقلها إلى بيت الزوجية ، فالحق له إذن .
أما كونه يمنعها من محادثة زوجها على الهاتف ، فلا شك أنه من التشدد في المراعاة ، والتنطع في الحفظ والصيانة من أمر لا محذور فيه شرعا ولا عقلا ولا عرفا ؛ لكن ربما تكون عند الوالد غيرة ذلك ؛ فغلبه طبعه على مثل ذلك .
ثانياً:
أما إقدام الوالد على الحلف بالطلاق في حال كلمتي زوجك ، فهذا من باب الطلاق المعلق
والطلاق المعلق فيه خلاف بين العلماء والأقرب للصواب ، أنه يرجع إلى نية الحالف ،
فإن قصد به الطلاق وقع طلقة واحدة على أمك متى كلمتي زوجك ، وإن لم ينو الطلاق ، بل
قصد التهديد والتخويف والمنع فهو يمين تلزمه كفارته في حال كلامك مع زوجك وتنحل
يمنيه .
وينظر جواب السؤال رقم : (82400).
وبناء على ذلك :
فليس لك أن تكلمي زوجك ، حتى يعلم مقصد الوالد من يمينه ؛ فإن كان قصده المنع
والتهديد ، ولم يكن ينوي بذلك إيقاع الطلاق بامرأته ، إذا حصل كلامك : فتلطفي في
استسماح والدك ، أنت ووالدتك ، أو بعض العقلاء من الأسرة ، أن يأذن لك في كلام زوجك
، مع تعريفه بما في ذلك من التوسعة الشرعية ، وأنه لا محذور في مثل ذلك مطلقا .
وأما إذا كان قد قصد الطلاق ونواه بكلامه هذا : فليس لك أن تكلمي زوجك ، رغما عن
ذلك ، لما يترتب عليه من المفسدة الكبيرة في وقوع الطلاق بوالدتك ؛ ثم ما يلزم على
ذلك من فساد ذات البين ، وتعقد المشكلة في الأسرة ، وربما حمله ذلك على التعنت مع
زوجك في إملاكك له ، وربما سعى إلى إفساد الزواج من أصله .
ولذلك كان الواجب في مثل ذلك : أن يتم التعامل مع الوالد بغاية الحكمة والحذر من أن
تحمله المخالفة على زيادة التنطع أو العناد .
وإذا اقتضى الأمر شيئا من التفاهم : فبإمكانك أن ترسلي له رسالة ، أو أن يبلغه عنك
بعض الثقات ، إن كان ذلك الكلام مما يمكن أن ينقله الغير ، كأن تكون والدتك ، أو
والدته ، أو أخته ، أو نحو ذلك .
والله أعلم .