الحمد لله.
وقال ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله تعالى : (مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ) الكهف/22
قال: " أنا من أولئك القليل الذين استثنى الله ، كانوا سبعة وثامنهم كلبهم " .
انتهى من "تفسير الطبري" (17/ 642) .
ثم قد يقترن بقولها من قصد
القائل ، وحاله : ما يقتضي مدحه على قوله أنا ؛ كما لو قالها في مقام التواضع
والانكسار لله ، والاعتراف بالذنب ، والفقر والحاجة إلى رب العالمين .
وفي حديث الاستفتاح : ( اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ،
أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي،
فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ )
رواه مسلم (771) .
وعلى عكس ذلك : قد يقترن
بقولها من قصد صاحبها ، وحاله : ما يقتضي الذم على قوله ، والتأديب عليه ، والمنع
منه ، في مثل ذلك المقام .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَلْيَحْذَرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ " أَنَا "، " وَلِي "، " وَعِنْدِي
"، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ ابْتُلِيَ بِهَا إِبْلِيسُ وفرعون،
وقارون، (فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) لِإِبْلِيسَ، وَ (لِي مُلْكُ مِصْرَ) لفرعون، وَ
(إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي) لقارون.
وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ " أَنَا " فِي قَوْلِ الْعَبْدِ: أَنَا الْعَبْدُ
الْمُذْنِبُ ، الْمُخْطِئُ، الْمُسْتَغْفِرُ، الْمُعْتَرِفُ .
وَنَحْوِهِ : " لِي "، فِي قَوْلِهِ: لِيَ الذَّنْبُ ، وَلِيَ الْجُرْمُ ، وَلِيَ
الْمَسْكَنَةُ، وَلِيَ الْفَقْرُ ، وَالذُّلُّ .
و"َعِنْدِي " ، فِي قَوْلِهِ: " اغْفِرْ لِي جِدِّي ، وَهَزْلِي ، وَخَطَئِي ،
وَعَمْدِي ، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي " انتهى من "زاد المعاد" (2/ 434-435) ، وينظر
: "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله (150) .
والحاصل :
أن مجرد قول العبد " أنا " لا يشرع الاستعاذة بالله منه ، بل تكلف ذلك ، كما في
العبارة الواردة في السؤال ، في عموم الأحوال : أشبه بتنطعات الطرقية والصوفية ،
وتكلفاتهم ، ثم هو خارج عن معتاد البشر ، ولا يمكن أن يتلزمه أحد في كل مقام .
وينظر للفائدة : جواب السؤال
رقم : (9229) ، (118095)
.
والله تعالى أعلم .