الحمد لله.
ثم طلقتها بعد ذلك تطليقتين
صريحتين : كانت إحداهما في الحيض , وهذه التطليقة لا تقع على المفتى به عندنا في
الموقع ، على مابيناه آنفا .
والتطليقة الثانية – من التطليقتين - كانت في طهر لم تمسسها فيه ، وهذه واقعة
باتفاق .
ثم طلقتها أربع تطليقات ، بطريق الكناية مع نية إيقاع الطلاق ، كما ذكرت ، وكنايات الطلاق إذا اقترنت بالنية : وقع بها الطلاق ، كما بيناه في الفتوى رقم : (100997).
فإن كان في هذه التطليقات الأربع تطليقة واحدة ، سواء كانت الأولى ، أو غيرها ، قد وقعت في طهر لم تمسسها فيه : فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى , فلا يحل لك الزواج منها إلا بعد أن تنتهي عدتها ، وتنكح زوجا غيرك ، نكاح رغبة لا تحليل ثم يطلقها أو يموت عنها .
فقولك : " وبعد الحيض " : إن كنت تعني أنها طهرت من الحيض ، وطلقتها ولو مرة من قبل أن تمسها : فقد وقعت بها الطلقة ، وصارت هذه هي الطلقة الثالثة ، وبانت منك امرأتك بذلك .
أما سؤالك عن تكرار الطلاق
في العدة قبل حصول الرجعة فهذا محل خلاف بين أهل العلم , والراجح أن الطلاق لا يقع
إلا إذا راجعها , قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الراجح في هذه المسائل
كلها : أنه ليس هناك طلاق ثلاث أبداً ، إلا إذا تخلله رجعة ، أو عقد ، وإلا فلا يقع
الثلاث ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصحيح " .
انتهى من "الشرح الممتع" (13/94) ، وقد سبق بيان هذه المسألة في الفتوى رقم : (126549)
.
لكن السؤال عن هذا لا يفيدك شيئا في مسألتك ، إذا كنت قد راجعتها بعد الطلقة الثانية ، ثم أوقعت عليها بعد ذلك طلاق الكناية الذي ذكرته .
فالطلقات التي وقعت في أسبوع
واحد ، أو في نفس العدة ، على حد تعبيرك : ليس لك منها إلا طلقة واحدة ، فمتى وقعت
: بانت منك امرأتك ، فإن كانت هي الأولى ، فقد بانت منك امرأتك بينونة كبرى بذلك ،
لأنك طلقتها قبل ذلك مرتين ، ولا فائدة لك من النظر في مسألة الطلاق في العدة .
ومثل ذلك : لو لم تقع الأولى من هذه الأربع ، بأن كانت في الحيض ، وطلقتها الثانية
، أو الرابعة بعد انتهاء حيضها ، وقبل أن تمسها ، فقد بانت منك بذلك أيضا .
وأما إذا كنت تقصد أن الطلقات الستة قد وقعت في نفس العدة ، بحيث إنك لم تراجعها بعد الطلقة الثانية ، بل عدت فأوقعت عليها أربع طلقات كناية ، وهي في نفس عدتها ، من قبل أن تراجعها : فهنا فقط يرد الكلام على عدم وقوع الطلاق في العدة ، قبل الرجعة ، ويحق لك أن تراجعها ، إذا لم تكن قد وقعت هذه الطلقة الأخيرة .
فانظر ـ في ضوء ما ذكرنا لك ـ ماذا كان من أمرك ذلك ، واتق الله في حدوده ، واحذر أن تتعداها بتسويل ، أو تأويل لنفسك ، وإن أشكل عليك شيء من أمرك ، فاعرض مشكلتك أنت وزوجتك ، بالتفصيل ، على من تثقون في علمه ودينه واستقامة منهجه .
ثم ننصحك أيها السائل الكريم أن تتجنب الطلاق في حل مشكلاتك , فالمشاكل الزوجية تعالج في جو من المودة والتفاهم ومراعة الحقوق من الجانبين .
والله أعلم .