مثلا ترك صلاة الظهر بعذر ؛ فيكون معه منذ تذكره لتلك الصلاة مهلة لقضائها تساوي الوقت من دخول وقت صلاة الظهر في ذلك اليوم إلى دخول وقت العصر وإلا لا ينفعه القضاء بعد ذلك ويعتبر تاركا لتلك الصلاة بعمد بغير عذر وعليه التوبة ؟
الحمد لله.
ثانيا :
من يلزمه قضاء صلاة فائتة : فالواجب عليه المبادرة إلى القضاء ، والقيام بها فورا
من حين زوال عذره ؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) رواه البخاري ( 572
) ، ومسلم ( 684 ) وفيه زيادة: (أو نام عنها) .
ولمسلم ( 684 ) : ( إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها ، فإن
الله عز وجل يقول : (أقم الصلاة لذكري) طه/14).
ولأنه لا يدري ما يعرض له فوجب عليه المبادرة إلى إبراء ذمته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" فإن قلت: أليس النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لما استيقظ أمرهم أن يرتحلوا من
مكانهم إلى مكانٍ آخر؟
فالجواب: بَلى، ولكنَّه علَّل ذلك بأنه : (مكانٌ حَضَرَ فيه الشَّيطانُ) [رواه
مسلم، (680)] ، فلا ينبغي أن يُصلَّى في أماكن حضور الشياطين ، ولهذا نَهَى عن
الصَّلاة في الحَمَّام ؛ لأنه مَأوى الشَّياطين ، وفي الحُشِّ ، بل وفي أعطان الإبل
، لأنها خُلقت من الشَّياطين ... وهذا الحديث لا يدلُّ على عدم وجوب الفورية ، وإن
كان بعض العلماء قال بعدم وجوب الفورية لهذا الحديث ." انتهى من "الشرح الممتع" (2
/ 141) .
ثالثا :
ومقتضى الفورية هو القيام بها فورا من حين زوال عذره دون تأخير ، وليس هناك وقت
ينتهي به وجوب القضاء ، فإذا أخر القضاء ، فإن وجوب القضاء لا يسقط عنه ، وتبقى
الصلاة دينا في ذمته حتى يؤديها .
فإن كان تأخيره القضاء لغير عذر : فإنه يأثم بهذا التأخير ، لمخالفته الحديث السابق
(فليصلها إذا ذكرها) .
ويجوز لمن عليه القضاء
التأخير لعذر ، قال المرداوي:
"قوله ( لزمه قضاؤها على الفور ) مقيد بما إذا لم يتضرر في بدنه أو في معيشة
يحتاجها ؛ فإن تضرر بسبب ذلك : سقطت الفورية " انتهى من "الإنصاف" ( 1/ 443) .
وقال الصاوي المالكي:
"واستثنى من قوله : ( فورا مطلقا ) قوله: ( إلا وقت الضرورة) : أي الحاجة ؛ كوقت
الأكل والشرب والنوم الذي لا بد منه ، وقضاء حاجة الإنسان ، وتحصيل ما يحتاج له في
معاشه." انتهى من " حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1/ 365).
والله أعلم .