تريد المشورة في الاختيار بين رجلين تقدما لخطبتها
أنا بنت متقدم لى عريسان ، الأول أحبه ، والثاني لا أشعر تجاهه بعاطفة ، الأول أخلاقه جيدة ، ولا ينقصه شيء من أساسيات الدين , إلا أن الثاني الذي لا أشعر تجاهه بعاطفة : يفوقه كثيرا ، من ناحية كثرة الطاعات ، والقرب إلى الله ، وتعلم الدين ، وما إلى ذلك .
عندي ميل لأقبل الأول متمنية أن يزداد مستواه الدينى مع الوقت ، وهو يعدني بذلك ، ولكنى أخاف أن أكون بذلك قد غلبت هواى ، ودنياي ، على آخرتي ؛ أرجو الإفادة .
الجواب
الحمد لله.
لا نملك هنا إلا أن نقدم لك بعض الإضاءات التي تعينك على اتخاذ قرارك ، وتحمل
مسؤوليته بنفسك ؛ لا أن نتخذ نحن هذا القرار بدلا عنك ، فهذا لا نملكه ، ولا ينبغي
أن يملكه أحد سواك !!
إن أساسيات الدين التي تسمح لنا بالنظر في حال الخاطب الأول ، والتي ذكرت أنها لا
تنقصه : هي شيء مجمل جدا في عبارتك ، وفي تقدير الناس واعتبارهم ؛ والذي يجب أن
يكون واضحا في ذهنك أن تكون أساسيات الدين ، وهي الحد الأدنى الذي لا يقبل التنازل
عنه : أن يكون معروفا بسلامة اعتقاده ودينه بصفة عامة ، محافظا على أداء الفرائض ،
وأهمها وأعظمها الصلوات الخمس ، من أهل الجماعات في المساجد ، محبا للدين معظما له
، مبتعدا عن المحرمات ، حريصا على أكل الحلال .
ثم لا يشترط بعد ذلك : أن يكون صواما ، قواما ، حافظا للقرآن ، منشغلا بطلب العلم ،
أو الدعوة إلى الله ، أو نحو ذلك من فضائل الأعمال ، والميزات الخاصة في بعض
الأشخاص ، فمثل هذا ليس من الأساسيات الواجب توافرها ، وقد يكون شخص من عامة الناس
، ممن ذكرنا حاله أولا في محافظته على الواجبات ، وتركه للمحرمات ، من أهل الاقتصاد
في الدين ، ليس مفرطا ، فاسقا ، ولا هو من العباد الزهاد ، قد يكون مثل هذا أحسن
عشرة ، وأشد إكراما لأهله ، ومعرفة بحقوقهم من غيره .
فإن كانت الأساسيات التي رأيت أنها في الخاطب الأول ، هي على النحو الذي ذكرناه ،
فلا يضرك تقصيره في النوافل ، أو عدم انشغاله بطلب العلم ، ونحو ذلك ، وما دام قد
خطبك ، وعندك ميل إليه : فلا حرج عليك في قبوله ، وتقديمه على غيره ، بعد استخارة
الله ، وسؤاله التوفيق والسداد ؛ فإنه لا شيء أقطع لتعلق القلب بشخص ، مثل الزواج
به ، وإعفاف النفس بالوصال الحلال .
وأما إذا كنت تعنين بأساسيات الدين : مفهوما آخر ، وقدرا من التدين العام المعروف
عند كثير من الناس ، ثم لا يهتم بصلواته الخمس ، ولا يعظم أمر الجماعة ، أو كان ممن
يتهاون في شأن المحرمات ونحو ذلك : فمثل هذا لا ينبغي لك أن تقبليه أصلا ، سواء كان
هناك خاطب سواه ، أو لا ؛ فإما أن تقبلي الخاطب الثاني ، أو لا ، هذا أمر آخر ، لكن
لا ينبغي أن يدخل الأول ـ إذا كانت هذه حاله ـ في حسابك أصلا !!
ومن شأن الزمان ، ومجاهدة النفس ، وإعفافها بالوصال الحلال : من شأن ذلك كله أن
ينسيك ذلك التعلق بالشخص الأول ، الذي يفترض أن يكون باهتا حتى الآن ، يزول بأقرب
دافع عنه ، مع سد أبوابه ، وقطع علائقه .
وأما وعده لك : فليف بعهد الله لعباده بطاعته ، وترك محارمه أولا ؛ ثم ننظر في وعده
لك !!
وينظر جوب السؤال رقم : (82010) ، ورقم :
(85056) .
والله أعلم .